مسألة مستعجلة - نجل الدين ادم

حالة التباس

مجدداً أصدر وزير التجارة الخارجية والصناعة “مدني عباس مدني” قراراً بحظر تصدير الفول السوداني للخارج، وهو ذات القرار الذي أصدره الوزير قبل أكثر من أربعة أشهر، ولكنه ما لبس أن أمضى شهراً أو يزيد فتراجع عنه واليوم عاد له مرة أخرى.
حالة الالتباس التي دخل فيها الوزير بإصداره قراراً ثم العدول عنه مرة أخرى، والعودة إليه مرة ثالثة هو دليل على حالة التخبط وغياب الرؤية.
المبررات التي صاغها الوزير في المرة الأولى كانت بهدف خفض أسعار الزيوت المحلية بعد ارتفاعها بصورة كبيرة، بجانب الاستفادة من القيمة المضافة التي نفقدها عند تصدير الفول وهو خام، ولكن النتيجة كانت المزيد من الارتفاع في أسعار الزيوت، ما يعني أن القرار لم يكن صائباً، ما اضطره للعودة إلى قواعده سالماً، واستمر تصدير الخام لأكثر من ثلاثة أشهر دون أن تعترضه أي معوقات، واليوم يعود الوزير لذات التقليعة ويحظر تصدير الفول، ومعلوم أن أي عملية تصدير تعني دخول عُملة أجنبية للبلاد، ومؤكد أن الحكومة ظلت تستفيد من ذلك طوال الفترات الماضية، مشكلة الوزير وفي ظل حالة التوهان الحالية أنه لم يختار التوقيت المناسب للقرار، ومعلوم بالضرورة أن التوقيت عنصر مهم في مثل هذه القرارات، قرار حظر تصدير الفول السوداني يعني وقف كافة أشكال بيع المحصول النقدي للخارج، وبالتالي توقف العملة الأجنبية التي كانت تأتي إلى السودان عبر هذه الطريقة، لذلك فإن توقيت قرار الوزير كان خاطئاً، لأن البلد الآن بحاجة لتوفير عملة أجنبية لشراء الوقود والدقيق الذي توقفت بواخره في شواطئ البحر الأحمر، في انتظار الكاش، ففي ظل حاجة وزارة المالية لأي عملة أجنبية، يصبح من الضروري أن تحافظ على أي مورد يوفر لها ذلك، والفول السوداني كان واحداً من موارد العملة الأجنبية.
وضح جلياً أنه لا يوجد تنسيق بين أجهزة الدولة المختلفة، عندما تقود وزارة المالية خطة لجلب العملة الأجنبية وتوقف وزارة التجارة في الجانب الآخر هذا المورد الذي يأتي عبر تصدير سلعة الفول السوداني.
واحدة من أسباب تأزم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد وغيرها، هو فقدان الحكومة لبوصلة القرارات، وأنت عندما تفقد البوصلة تصعب عليك العودة، والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية