في حضرة وزير إعلام مصر
بالفعل فإن (الميديا) باتت مهدداً، ليس مجتمعياً، بل أمنياً، وليس ببث الشائعات فقط، إنما صنع وإنتاج الأخبار، أي بمثابة إعلام أزمة، يحتاج بالمقابل ما يحسن إدارتها. ليست الشائعات والأخبار وحدها هي التي تصنع، بل الأخطر من ذلك أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت تدير المجتمع والسياسة، وتسقط من خلالهما الحكومات، كما حدث في مصر 2011م، وما حدث بالسودان 2019م، للحد الذي حاولت فيه الحكومة بنهايتها قطع (الانترنت)، وأفلح فيه من يديرون الأمر عقب سقوط النظام وفض الاعتصام لحجب تداعيات الأمر، ومنع الاجتماعات التي تنعقد وتنفض بين من هم بالداخل والخارج، وغير ذلك ومع ذلك لم تفلح. سقت هذه التقدمة على خلفية لقاء جمع وزير الإعلام المصري “أسامة هيكل” بإعلاميين من الوطن العربي، اجتمعوا في مصر تحت مظلة (المركز العربي للإعلام السياحي) في دورة انعقاده الثانية عشرة بفندق (الجزيرة سوفتير) بالزمالك، و”هيكل” الذي خاطب الجمع في حديث أشبه بالمحاضرة، إلى جانب تفضله بالرد على اسئلة الصحفيين، هو وقبل تقلد الوزارة كان صحفياً وتدرج إلى أن شغل رئيس صحيفة (الوفاق) المعارضة قبيل أن يستوزر، لذا استند حديثه على خلفيات وشواهد تعزز وتعضد من ضرورة تلافي سقطات الإعلام الحديث، إخبارية العالم الجديد، إن صح التعبير، وهو ما يبثه الإعلام الخاص، وما تتمخض عنه منصات التواصل الاجتماعي بالخروج السريع للإعلام الرسمي وتوضيحه للحقائق. واستشهد في هذا المقام بما سمَّاه أزمة وهو ما حدث في “بوستن” الأمريكية ٢٠١٣م عندما حدث انفجار فجأة، فما كان من الرأى العام إلا وأن نسب الحادثة للسعوديين، قبيل أن تقول الجهات الرسمية قولها، مما دفع قائد شرطة “بوسطن” للخروج وقوله (إن التحقيقات لم تبدأ بعد). ووصف “هيكل” أن هذا ما يسمى معالجة الأزمة. واسترسل في روايته بأنه وخلال ثلاث ساعات فقط تصاعد الأمر، وأصيب الناس بالهلع، وزاده أن الآلة الإعلامية كانت ضاغطة، وفي مخيلتهم حادثة 2001م، وهنا اضطر الرئيس “أوباما” الخروج بنفسه، وقال نفس حديث الشرطي لكنه أضاف إليه (الجاني لن يفلت). وهنا وصف وزير الإعلام المصري بأن حديث “أوباما” هو ما يعرف بإدارة الأزمة التي تطلب سرعة التحدث والتوضيح، بحسبان أن أي ثانية تفرق. ولعل أهم نقطة أثارت هذا الحديث هو ما راج بشأن انتشار فيروس (كورونا) بمصر الذي نفاه وزير الإعلام تماماً، بحسبان أن مصر الدولة الأولى التي أجلت رعاياها مجاناً، وأخضعتهم لفحوصات شاملة بعد عزلهم لأربعة عشر يوماً في مستشفى بالصحراء، مقراً بحالة واحدة تم التعامل معها وشفيت تماماً، لكنا نعود ونقول إن (الميديا) ومع ذلك سلاح ذو حدين، ويكفي أنها أجبرت المسؤولين للتصريحات فوراً بعد أن كنا نلاحقهم بالخطابات المكتوبة والهواتف.