مسألة مستعجلة - نجل الدين ادم

المنح التفاوضية

أفهم أن تتمسك الحركات في مفاوضاتها مع الحكومة في عاصمة دولة جنوب السودان على منحها منصب عضو مجلس سيادة، وعدد من الوزراء وأعضاء بالمجلس التشريعي وغيرها من المناصب الدستورية، لكن ما هو مستغرب وغير منطقي هو إدخال وظائف الخدمة العامة ضمن المحاصصات وتوزيع الكيكة على نحو ما تم الاتفاق عليه في جوبا، بمنح أبناء دارفور (20%) من وظائف الخدمة العامة، ومن قبلها أبناء شرق السودان، والسؤال الذي سيطرح نفسه كيف سيتم توزيع هذه المنحة التفاوضية على أبناء دارفور أو شرق السودان؟
استبعد تماماً أن تكون هناك آلية فاعلة وعادلة لتوزيع هذه الوظائف، فقد تعجبت جداً أن المفاوضين لا يبالون بمثل هذا الإجراءات، بل يعتبرونه نصراً كبيراً في طاولة التفاوض، ولكنه بوجه نظري الفشل بعينه، وستعلم الحركات المسلحة قبل الحكومة حقيقة هذا التفسير، مؤكد أن وفد الحكومة المفاوض سيمضي في هذا الاتجاه بتوزيع منحة الوظائف العامة على أبناء المنطقتين، وأبناء الشمال، وأبناء الوسط وغيرهم من التقسيمات.
مثل هذا التقسيم يفتح الباب للجهويات ويبتعد كثيراً عن القوميات، ولا يولي الشهادات والخبرات اهتماماً، ويجعل الأمر مجرد كوم من الحصاد يتم توزيعه بناءً على ما تم عليه الاتفاق.
أتمنى أن تتدارك الأطراف المفاوضة هذه الإشكالات، لأنه سيكون لها كبير الأثر السالب في المستقبل، عليكم أن لا تضعوا وظائف الخدمة العامة تحت لافتات التمييز الإيجابي، وهي في الأصل لا تعدو أن تكون تمييزاً سلبياً، يكرس لمزيد من المطالبات.
الآن لا أحد تنبه لخطورة هذا الأمر فهو بمثابة قنبلة موقوتة، ونحن نقدم على توزيع كل شيء على أساس أنه كيكة واجبة التقسيم، سيجد أبناء دارفور التمييز الذي ينشدونه في الحصول على الوظائف، لكنه لن يتوقف عندهم، فيصبح لازماً أن تقسم الكيلة على كل من حضر، إنه بئس التقسيم، أنت تدرك بأنه سيزيد من تعقيدات المطالب التي لا تحصى ولا تعد، فإذا قدمت الحكومة تنازلات لأهل دارفور مهراً للسلام، فإنها لا تستطيع أن تتجاوز إنسان شرق السودان، ولا جبال النوبة، ولا المنطقتين “جنوب كردفان والنيل الأزرق.
على المفاوضين أن يضعوا هذه التحديات والملاحظات نصب أعينهم حتى يعبروا إلى الأمام.. والله المستعان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية