ظلت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تقفان إلى جانب ثورة ديسمبر المجيدة، وقدمتا الدعم اللازم لها بالمال أو الدعم المعنوي، وظلت الحكومة الانتقالية المدنية والعسكرية في حالة ثبات خاصة في سلعتي البنزين والجازولين وحتى القمح لم يحس المواطن بالأزمة، كما التي نراها الآن، لقد عادت أزمتا الوقود (البنزين والجازولين) إلى السطح من جديد، كما حالة أيام الإنقاذ الأخيرة، فتطاولت الصفوف، بل عجز أصحاب المركبات عن الحصول على وقودهم إلا بعد يوم أو يومين، وهذا أدى إلى ارتفاع في سعر تعريفة المواصلات إلى الضعف أحياناً، والسبب أن أصحاب المركبات يتعللون بأنهم يفقدون يوماً كاملاً، بسبب الوقوف في صف البنزين ليوم أو يومين. إن الحالة التي نشهدها الآن لا يوجد لها سبب، إلا أن تكون دولتا السعودية والإمارات قد رفعتا أيديهما عن تقديم الدعم المتعلق بالوقود، أما الخبز فهذا أمر ثانٍ ..فلا يمكن أن تستمر أزمة الخبز لعام كامل، ولا يمكن أن يصطف الرجال والنساء والأطفال يومياً أمام المخابز صباح مساء من أجل الحصول على الخبز، لقد تجاوز العالم مثل تلك القضايا المعيشية، فلا أحد في العالم الآن يشكو من أزمة الأكل، رغم أن تلك البلدان تأخذ حصتها من الطعام من البلاد الأخرى، فالإمارات والسعودية لم تنشب فيهما أزمة للخبز أو القمح، ولم نشهد طوال العقود الماضية أن اشتكتا من مثل تلك الأزمات، فالأكل فيهما متوفر وبأرخص الأثمان، ولكن مشكلة السودان في الحكومات المتعاقبة التي تنتظر أن يقدم لها العون من الدول العربية أو الأوربية، فكما ذكرنا في عمود الأمس، فنحن لم يتوفر لنا القائد الذي يحرك الجماهير، فالسودان يمكن أن يكتفي ذاتياً من الغذاء والكساء، ولكن من الذي يعمل، يقال إن المواطن السوداني كسول ولا يعمل، على الرغم من تحقيقه نجاحات في كثير من الدول، بل أصبح مضرب المثل، ولكن بالداخل لا يعمل، فجل وقته يقضيه في شرب الشاي والونسة، و(طق الحنك) في ما لا يجدي. إننا محتاجون إلى شخص يحركنا أو يدفعنا إلى العمل والإنتاج، فإن لم نجد هذا الشخص فلن نتقدم خطوة إلى الأمام، وسنظل أسرى للدول التى تقدم لنا العون، ولكن ربما بالمقابل فلن تقدم لك دولة مالاً أو سلاحاً أو طعاماً أو بترولاً، ما لم تكن هناك مصلحة لها في ما تقدمه لك، يمكن أن تقدم لك الدول الأوربية أو العربية أو الأفريقية إغاثات في حالة الكوارث التي تتعرض لها الدولة، ولكن لن تقدم لك شيئاً من أجل سواد عيونك، فلابد أن تفهم الحكومات أن الدفع لابد أن يكون من ورائه مقابل، إن الحكومة الحالية بإمكانها أن تصنع من هذا الوطن دولة تشبه كثيراً من الدول المتقدمة التي بنت نفسها بنفسها دون الاستجداء أو مد اليد للآخرين، إن الحكومة الانتقالية لو قرأت كتاب (رواندا) أو بعض الدول الأفريقية التي نهضت مؤخراً لأغنت نفسها السؤال، أو الاستجداء، أو الوقوف في طابور الهبات والإعانات والإغاثات، فالسودان ليس فى حاجة إلى الإغاثة أو إراقة ماء وجهه، ولكن هذا لن يتحقق ما لم تتقدم الدولة الصفوف، وتواجه شعبها مواجهة صريحة، بدلاً من الغتغتة والدس، فالشعب الذى وقف إلى جانب الإنقاذ في سننيها الأولى، وشرب الشاي بالبلح، وصبر عليها حتى أتاها الفرج، يمكنه الآن أن يصبر أكثر طالما الثورة ملك لكل الشعب.
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق