هل فشلت صحافة الحكومة؟! (22)
العمل داخل صحيفة (الأنباء) وقتها لم يكن طارداً للجميع، ولكن قلة آثرت أن تبتعد، إما لأسباب خاصة بها، وإما لمعاملات فردية من بعض الزملاء، خاصة وأن مجموعة كبيرة من الصحفيين جاءت من مؤسسات صحفية متعددة كـ(السودان الحديث) وصحيفة (الإنقاذ) و(سودان ناو)، وصحيفة (المخبر) التي كان يرأس تحريرها الأستاذ “أحمد كمال الدين”. وبالتأكيد التآلف ليس سهلاً في ظروف مؤسسة صحفية كل شخص فيها يريد أن يجد الاستقرار. والصحافة مهنة لن تزدهر في ظل التوترات والمكايدات التي لا يخلو منها أي مجتمع من المجتمعات صحفية أو غيرها.. ولذلك حزم البعض من الإخوة الصحفيين أمرهم وخرجوا مبكراً منها، ومنهم من انحنى للريح ليعيش، ومنهم من حاول أن يكيد ويدبر المؤامرات والدسائس، فقد حدثني أحد الزملاء بعد فترة طويلة بعد أن أصبحت (الأنباء) في أضابير أو في أرشيف دار الوثائق، حدثني أن أحد الأشخاص ذهب إلى الدكتور “أمين حسن عمر”، ووقتها “أمين” ما زال يشغل منصب رئيس مجلس إدارة ال صحيفة فقال له: يا أستاذ لماذا تتمسكون بـ”صلاح حبيب” وهو أهله من حزب الأمة؟ فقال لي الشخص الذي أثق فيه تماماً وهو من الأصدقاء المحببين إلى نفسي قال لي: لقد جاء رد الدكتور “أمين” على ذلك الشخص عنيفاً، قال له: “صلاح حبيب” لو كان مع حزب الشيطان مافي زول يسأله. وصمت الشخص، وكان يظن أن الدكتور “أمين” سيقف إلى جانبه ويصدر قراراً بفصل الأستاذ “صلاح حبيب”، ولكن خاب ظن هذا الشخص، ولم يعلم هذا الجاهل أن الدكتور “أمين” قد طلبني في مكتبه وعرض عليَّ وظيفة أعلى من التي كنت أتقلدها وقال لي: لا تتهيب المنصب فنحن سنقف إلى جانبك. ولكن المؤامرات ضدي لم تقف، فوشى الواشي وسمعوا بالخبر فتكالبوا ظناً منهم أنني سأثور وأحتج على تلك المواقف، لكني واصلت عملي في صمت وحققت من خلاله نجاحات لي وللصحيفة، إذ إنني في نفس الفترة حصلت على جائزة أفضل حوار صحفي، هي (جائزة أحمد يوسف هاشم للحوار الصحفي)، التي سنها المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، وحصلت على نفس الجائزة للمرة الثانية في نفس الصحيفة، وقد تشرفت في الجائزة الأولى بالسلام على السيد نائب رئيس الجمهورية “جورج كنقور أرب” والدكتور “إسماعيل الحاج موسى” الذي كان يشغل منصب رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، ونلت الجائزة واحتُفل بنا من داخل القصر الجمهوري، كما تشرفت في المرة الثانية بالسلام على نائب رئيس الجمهورية الباشمهندس “موسى مشار”، والبروفيسور “علي شمو” رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، والأستاذ “الزهاوي إبراهيم مالك” وزير الإعلام آنذاك. وكان تسليم الجائزة في احتفال أقيم بدار المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، لذا فإن الدكتور “أمين حسن عمر” كان يعرف قدراتي الصحفية جيداً وأرادني أن أكون يداً مساعدة له في الصحيفة التي كان يعول كثيراً على نجاحها، وأنا لم أخيب ظنه فيّ فقد اجتهدت، وأضفت إلى رصيد الصحيفة جائزتين من أرفع الجوائز التي كان يقدمها المجلس القومي للصحافة والمطبوعات.
لم يكن الدكتور “أمين حسن عمر” محظوظاً، ولم تف القيادة بوعدها له بتقديم كل المعينات خاصة المالية التي تساعد في إنجاح الصحيفة، لذلك لجأ إلى بيع بعض الدور وبعض الماكينات حتى يفي بالاحتياجات التي تتطلبها صناعة الصحافة. والدكتور “أمين” عالم في مجاله، لذلك لم يتكالب على المال، ولم يقف في بوابات المسؤولين للاستجداء وطلب المال كما يفعل الآخرون، لذا عندما عجز تقدم باستقالته وبدأ الإعداد لنيل درجة الدكتوراه.. وهذا سنأتي له بالتفصيل في مرحلة قادمة.
{ آخر النقاط
} سقط سهواً في العدد السابق رقم الحلقة (21)..
} الزميلة “فاطمة الصادق” ردت في عمودها أمس على بعض الانتقادات التي وجهناها لوالي شمال دارفور، ونقول لها اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، رغم أن القضية ليس لها فيها ناقة أو جمل، وهي قضية رأي عام، ولم نعرف للسيد الوالي مدافعين رغم الظروف السيئة التي تعيشها الولاية!!