كتبنا قبل أيام عن أزمة المواصلات المستفحلة بل الاستغلال من قبل أصحاب المركبات التي منحتها إدارة المرور الترخيص الخاص بنقل المواطنين، ولكن للأسف مازال أصحاب تلك المركبات هايس أو أمجادات وغيرها من وسائل النقل المختلفة ظلت في استغلال البسطاء من أبناء الشعب السوداني بزيادة التعرفة، و(العجبو.. عجبو والما عجبو يمشي برجليه)، وهذا أسلوب لا يشبه ولا يليق بهذا الشعب، ولكن لأن الدولة غائبة، والضمير الإنساني لدى أولئك انعدم تماماً، فكل واحد يعمل بالطريقة التي تعجبه والمواطن المغلوب على أمره يكدح من الصباح ويريد أن يصل في النهاية بيته بأي وسيلة من وسائل المواصلات هايس أو أمجاد أو دفار أي وسيلة يستطيع أن يصل بها، لذا لابد من تفعيل القوانين ليأخذ كل صاحب حق حقه، فأصحاب المركبات التي خصصت لنقل المواطنين من المفترض أن يلتزموا بذلك في أي وقت من الأوقات بدلاً من الغياب في حال الذروة وحاجة المواطن إلى تلك الوسيلة، ثانياً الآن هناك استغلال فالمركبة التي حدد لها خط الكلاكلة أو أبو آدم أو الثورات أو الحاج يوسف، نلاحظ أن أصحاب تلك المركبات وبمساعدة الكمسنجية تقطيع المشوار إلى اثنين، فمثلاً ينادي الكمسنجي الشهداء أو اللفة وعندما يشحن بالسعر أو التعريفة التي يريدها ففي نهاية المحطة يبدأ بشحن المركبة بتعريفة أخرى أي أن المشوار بعد أن كان بتعريفة واحدة، أصبح للمشوار تعريفة أخرى، وهذا نوع من التحايل على المواطنين، وحتى المواطن المسكين لا يستطيع أن يعترض على ذلك طالما وجد مركبة توصله إلى نصف المشوار، إن مشكلة المواصلات أصبحت من المشاكل المستعصية فإذا لم نفعَّل القوانين فالأمر سيكون هو نفس الإشكال في كل مراحل الحكومات السابقة، فأزمة المواصلات لن تحل إلا عن طريق مواعين المواصلات الكبيرة التي نراها في كل دول العالم، فالعربات الصغيرة الهايس أو الأمجادات لن تحل مشكلة المواصلات، فالبصات الكبيرة يمكنها أن تستوعب عشرات المواطنين في لحظة واحدة بدلاً من عشرات الهايسات التي يتعذب المواطنون بسببها، فالحكومة القادمة لابد أن تستعجل استيراد البصات الكبيرة، لكن بشرط أن تكون نفس المواصفات التي موجودة بالبلاد، فالبصات التي تم استيرادها في فترات سابقة لم تكن تحمل المواصفات السودانية، لذلك قبل أن تكمل عامها الأول أصبحت خردة، فمن ينظر إلى حوش المواصلات بالمناطق المختلفة تجد آلاف من البصات الخردة التي دفعت الدولة عليها ملايين الدولارات، فضاعت تلك البصات وضاعت ملايين الأموال دون حساب أو سؤال عن الشخص الذي أتى بها، من المشاكل في أزمة المواصلات الآن التعريفة التي يضعها كل صاحب مركبة، فالمشوار الذي لا يكلف خمسين جنيها تجد صاحب المركبة ضاعف من سعره حتى الركشة التي لا يتعدى مشوارها العشرة أو العشرين جنيهاً أصبح صاحبها يطالبك بزيادة غير متوقعة، فليس من المنطق أو العقل أن يكون مشوار الركشة من داخل الأحياء أو المسافات القريبة تلك المبالغ الخرافية، أما الأمجادات أو عربات الترحال التي قلنا بأنها حلت المشكلة أصبح المشوار خرافياً.. فإذا اضطرتك الظروف للخروج مع أسرتك إلى مناسبة من المناسبات فإذا لم يكن في يدك مبلغ ألف جنيه أي (مليون جنيه) فلن تستطيع أن تلبي تلك الدعوة، فأمر المواصلات أصبح مكلفاً أكثر من المعيشة نفسها، لذا فعلى الحكومة القادمة أن تضع حداً لتلك المشكلة.