من يحرك سلفاكير؟
على الرغم من التفاؤل الكبير الذي حملناه بين جوانحنا لنجاح قمة سلفاكير بأديس أبابا ؛ ولكن يبدو أن مجموعة «باقان» ومن سار على شاكلته لم تجعل هذا التفاؤل يستمر كثيراً ، فقد انهارت القمة وفشلت في الوصول لاتفاق بين الدولتين (لحلحلة) المشاكل العالقة بينهما ، والتي عجزت لجان التفاوض في الوصول إلى حل لها ؛ مما نقلها إلى قمة الرئيسين باعتبارهما قمة الدولتين وبإمكانهما الوصول للحل، ولكن يبدو أن المؤثرات الخارجية خاصة لدى دولة جنوب السودان إن كانت تلك المؤثرات من جانب مجموعة (باقان) التي لا ترغب أصلاً في الوصول إلى حل مع دولة الشمال وكان هذا ظاهراً لكل من أعطي البصر والبصيرة ، و(باقان) دائماً هو خميرة العكننة بين الشمال والجنوب، ولكنه دائماً يتظاهر بأنه حمل وديع وأنه حمامة سلام ولكن باقان دائماً يناقض نفسه ويبطن ما يظهر ، ولذلك لا نتوقع ولا نتفاءل كثيراً في الوصول لأي اتفاق مع دولة حكومة الجنوب ما لم يُبعد «باقان» من عمليات التفاوض أو يكون بعيداً عن أجواء المفاوضات، فهذا الرجل يحمل حقداً دفيناً للشمال.
إن القمة المشتركة بين الرئيسين “البشير” و”سلفاكير” لم تتوصل لأية نتائج إيجابية يمكن أن تدفع بالمشكلة إلى الأمام، لذا فإذا كانت تلك القمم لم تتوصل إلى نتائج ايجابية فليس هناك داعي لشغل الرئيس “البشير” بهذه القمة طالما أن القيادة الجنوبية ليست واثقة من نفسها أو لا تملك إرادتها للوصول لاتفاق على الأقل يعيد الأمن والاستقرار للدولتين، أو يعيد ضخ البترول لحل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تواجه دولة جنوب السودان وشردت مواطنها وفتكت به الأمراض.
إن دولة جنوب السودان ينبغي أن تكون الأحرص على إنهاء الأزمة بينها وبين دولة الشمال فهي دولة وحيدة تحتاج إلى البناء والإعمار وإنقاذ مواطنها المسكين الذي كان يحلم بدولة ترعى حقوقه وتعيد له الأمن والاستقرار والطمأنينة بعد أن عاش عشرات السنين وهو يحلم بتلك الدولة ذات السيادة، ولكن تبددت أحلام المواطن الجنوبي المسكين فمنهم من عاد إلى دول الجوار كينيا ويوغندا التي عاش فيها إبان الحرب على الأقل آمن في نفسه وفي عرضه كما عاد البعض إلى دولة الشمال التي ادعى أنه عاش فيها مواطن من الدرجة الثانية ، ولكن اكتشف المواطن الجنوبي أن الانفصال خدعة كبيرة وبناء الدولة المستقلة خدعة أكبر وتبددت أمانيه وأحلامه التي كان ينوم ويصحا بها كأنما كان ينتظر يوم العيد، ولكن الساسة الجنوبيين خدعوا المواطن الجنوبي وسرقوا أحلامه وأمانيه ومنحوه السراب ومنحوه دولة اسمها دولة الوهم الجنوبي الآمنة والمستقرة.
إن الرئيس “سلفاكير” رئيس دولة جنوب السودان إن أراد أن يبني لنفسه مستقبلاً ولوطنه عليه الابتعاد عن المخذلين والساقطين في براثن العمالة الأجنبية أو عليه أن يتجه لبناء دولته الوليدة بدلاً عن الانصياع للواهمين .. عليه أن ينظر لمستقبل شعبه حتى يستطيع أن يكتب اسمه بأحرف من نور في سجل الخالدين، كما فعل فطاحلة الدول الأفريقية الذين بنوا مجداً لأوطانهم وشعوبهم ، ولكن أن يظل في قمم فاشلة كل فترة فهذا سوف يعجل برحيله إن لم يكن اليوم فغداً وإن غداً لناظره قريب.