هل فشلت صحافة الحكومة؟ (20)
قبل أن يتولى الأستاذ “النجيب آدم قمر الدين” منصب رئيس تحرير صحيفة (الأنباء) التي تأسست في 26/5/1997م، حدثت بعض الإشكاليات وربما بداية الصراع داخل المؤسسة الإعلامية التي أراد لها الدكتور “أمين حسن عمر” أن تكون أهرام السودان، لما يتمتع به من حس صحفي عالٍ، كان يريد أن تكون الصحافة السودانية بمثابة صحافة أشبه بصحافة الأخوة المصريين أو صحيفة (الشرق الأوسط)، حيث كان يرى أن (الدور) التي كانت تصدر منها صحيفة (السودان الحديث) أنها كراكيب باعتبار أن معظم المباني لا تتناسب مع مقام صحيفة ستحدث ضجة في الوسط الصحفي والإعلامي، لذلك بدأت الحرب معه ومع كل من يأتي به، فبدأت أولى المعارك الخفية معه ومع الأستاذ “السر حسن فضل” وإرهاصات التخلص منهما، “أمين” من رئيس لمجلس الإدارة أن نُقل في التشكيل الوزاري إلى وزير دولة للإعلام، أما الأستاذ “”السر”” فقد بدأت المعركة معه من أحد المتنفذين، والذي كان يستمد قوته وسلطته من الشيخ، وفي إحدى الندوات التي أُقيمت بإحدى القاعات بالخرطوم، وجه مدير التحرير الأستاذ “سليمان عبد التواب” الأستاذ “”السر”” لتغطية الندوة على أن يتابع هو عمل الصحيفة ومراجعتها، لكن المتنفذ لم يشاهد رئيس تحرير صحيفة (الأنباء) باعتبارها صحيفة الحكومة، وينبغي أن يكون رئيس تحريرها حاضراً في كل منشط للحكومة، علماً بأن الأستاذ “السر حسن فضل” أتى به الدكتور “أمين حسن عمر”، ودكتور “أمين” لا يأتي بشخص خالٍ الجراب، فالأستاذ “”السر”” له إمكانيات عالية في الترجمة، وشغل منصب رئيس تحرير مجلة (سودان ناو)، وعمل بدول الخليج، لكنه لا ينتمي إلى أي تيار سياسي، ومن هنا كانت فكرة الدكتور “أمين” أن يأتي بأحد التنوكراط يمارس عمله المعني بالصحيفة وليس السياسي، لكن المتنفذ أراد للرجل أن يكون سياسياً، فسأله عبر الهاتف لماذا لم تحضر الندوة، فرد عليه بأننا قسمنا العمل مع مدير التحرير أن يغطي هو الندوة وأبقى أنا بالصحيفة أتابع عمليات التصميم والإخراج ومراجعة المواد، لكن حديث الأستاذ “السر” لم يعجبه، فتحدث معه بلهجة عنيفة وأغلق السماعة في وجهه. لم يعر الأستاذ “”السر”” الأمر اهتماماً، لأن الأستاذ “السر” بطبيعته بارد ولا تستفزه مثل هذه الأحاديث، لكنه لم يسلم، وهذه المرة كانت من الشيخ نفسه، عندما زار المشير “عمر البشير” رئيس الجمهورية المجلس الوطني، وقتها لم يحضر الزيارة أي محرر أو مندوب من الصحيفة للمجلس، فاتصل مكتب الشيخ بالأستاذ “السر” وقال له: (الشيخ يطلب مقابلتك)، تعجب الأستاذ “السر” وما حدث أن طلب الشيخ مقابلته من قبل، وعندما ذهب إليه سأله الشيخ عن سبب عدم تغطيتهم لزيارة رئيس الجمهورية، ووقتها كان قد صدر قرار بتعيين الأستاذ “النجيب آدم قمر الدين” رئيساً للتحرير خلفاً للأستاذ “السر”، فرد الأستاذ “السر” على الشيخ بأنه لم يعد رئيساً للتحرير، فقال له أسألوا رئيس التحرير، فقال له الشيخ: أنا أسألك أنت تقول لي أسألوا رئيس التحرير، الشيخ زعل من حديث الأستاذ “السر”، كانت تلك المقابلة القشة التي قصمت ظهر البعير، وهنا تأكد للأستاذ “السر” أنه ليس مرغوباً فيه في الصحيفة، وقال المتنفذ لماذا نأتي برئيس تحرير لا علاقة له بنا، فمن الأفضل أن نأتي بأحد أولادنا، وكان الاختيار قد وقع على الأستاذ “النجيب”. وبعد أن خرج الحديث لإحدى الصحف طلب الشيخ “يس عمر الإمام” الذي عُين رئيساً لمجلس إدارة الأنباء من الأستاذ “السر” مقابلته، فأخبره بالتغيير وقال له ما تزعل عيناك مستشاراً صحفياً للصحيفة، تقبل الأستاذ “السر” القرار بصدر رحب ووافق أن يكون مستشاراً صحفياً، وعين الأستاذ الآن البروفيسور “محمد البشير عبد الهادي” مديراً عاماً للصحيفة، واتخذت عدة إجراءات بأن تنتقل الصحيفة من نمرة (3) إلى المكاتب القديمة بالمنطقة الصناعية بحري.
نواصل