منذ أن بدأ الحراك الشبابي في التاسع عشر من ديسمبر الماضي كانت هناك دول تقف إلى جانب السودان من خلف الكواليس، لقد ظلت تلك الدول ممثلة في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، ترعى الحراك وترويه بكل ما يتطلب من ريّ بالمال أو المراقبة الدقيقة دون أن يكون هناك مطلب أو مصلحة، بقدر ما هي أخوة صادقة فهاتان الدولتان بهما أكثر الجاليات السودانية وهم يعرفون قدر السودان ويتحسرون للذي حدث له طوال فترة الثلاثين عاماً، خاصة ما أصابه من تدهور في كل شيء فبدأ المواطن السوداني يهجر بلده وكانت الإمارات والمملكة العربية السعودية الملاذ الآمن له، فقد استفادت من الخبرات في مجالات الطب والهندسة حتى العمالة الصغيرة كانت صادقة معها. إن الوضع الاقتصادي هو الذي أدى إلى زوال حكم الإنقاذ رغم الدعم الكبير الذي قدمته دولتا الإمارات والمملكة العربية السعودية له، ولكن لم يعرف في أيّ مجال تم صرف تلك الأموال الطائلة التي قُدّمت، فقد التقينا في مرة من المرات ونحن مجموعة من رؤساء التحرير بسفيريهما؛ السفير “علي بن حسن جعفر” سفير المملكة العربية السعودية والسفير “حمد الجنيبي” سفير دولة الإمارات فأكدا لنا أن دولتيهما قدمتا دعماً كبيراً حملته طائرات خاصة، بالإضافة إلى الدعم الكبير الذي قدمتاه في مجال البترول، فالسفير “حمد الجنيني” سفير دولة الإمارات كان صادقاً في أقواله معنا فهو لم يكذب فقال إن دولته قدمت عدداً من البواخر التي تحمل المواد البترولية إبان فترة حكم الإنقاذ فلم يعرف أين ذهبت الأموال التي رصدت للمواد البترولية. إن دولتي الإمارات والمملكة عملتا من خلف الكواليس طوال فترة الحراك الشبابي فلم نسمع منهما أنهما قدما المال إلى السودان مناً أو تباهياً، أو يحاولون أن يكسبا ود الشعب السوداني من خلال هذا الدعم، ولكن كان بداية لا ستقرار البلاد ولو لا هذا الدعم الذي قدماه فلا أظن أن البلاد كانت سوف تصمد طوال تلك الفترة، والكل يعرف أن خزينة الدولة خاوية فأزمة الخبز وحدها كانت كافية لقلب الوضع من جديد ناهيك من البترول والاحتياجات الأخرى التي تتطلب مالاً وفيراً خاصة الدواء والقمح وغيرهما من الاحتياجات الضرورية التي يحتاجها الإنسان. بعد التوقيع على الوثيقة السياسية وما حدث من خلافات بعد ذلك التقينا بالسفير السعودي؛ السفير “علي بن حسن جعفر” والوثيقة الدستورية قاربت على الانتهاء فوجه لنا سؤالاً عن المشكلة التي ستواجه الحكومة المدنية القادمة فكان ردنا بأنها المشكلة الاقتصادية واضعين نصب أعيننا الأزمات السابقة الممثلة في ارتفاع سعر الدولار والتي ارتفعت كل متطلبات الإنسان المعيشية بسببه، ولكن السيد السفير السعودي فاجأنا بأن المشكلة الاقتصادية في الفترة القادمة لن تكون سبباً يواجه الحكومة الانتقالية بقوله: إن المملكة العربية السعودية راصدة أموالاً للسودان لمواجهة الأزمة الاقتصادية فيه وهذا يعني أننا إن شاء الله في الفترة القادمة من عمر الحكومة الانتقالية لن نواجه أي صعوبة في الثالوث الذي أدى للإطاحة بنظام الإنقاذ الممثل في الوقود والخبز والنقود، فالمملكة قدمت في الفترة الماضية ما يقارب الـ(250) مليون دولار وضعتها في خزينة الدولة ونفس الحال منطبق على دولة الإمارات التي ظلت تقدم كل شيء، ولكن في السر فهذا يعني أن الحكومة الانتقالية لن تواجه أي صعوبات مالية أو أزمات تؤثر على سيرها، فلهما منا الشكر والتقدير ونسأل الله أن يجزيهما خير الجزاء، فقد كانا داعماً لثورة الشباب المجيدة التي كللت بالنجاح فالفضل يعود إليهما بعد الله من خلال تلك الدعومات المتواصل، ونسأل الله للحكومة الانتقالية الاستقرار من أجل بناء أمة مجيدة.