ولنا رأي

هل تكمل أديس ما بدأه “أبي”؟!

صلاح حبيب

لقد كانت أديس أبابا سباقة في المبادرات لحل المشكلة السودانية بين المجلس الانتقالي وقوى الحُرية والتغيير، وجاء رئيس الوزراء الإثيوبي “أبي أحمد” إلى الخرطوم والتقى بالقيادات بالمجلس العسكري ثم قوى الحرية، ومن ثم انطلقت المبادرة في طريقها لحل الأزمة السودانية، وجلس المستشار الإثيوبي “محمود درير” إلى المفاوضين مع السفير “محمد الحسن ولد لباد” الوسيط الأفريقي وجاهدا في اللقاءات المستمرة التي تمتد أحياناً إلى ما بعد منتصف الليل وكللت مساعيهما بالتوقيع على الوثيقة السياسية بين قوى التغيير والمجلس الانتقالي، وكان من المفترض أن يتوج عملهم الكبير بالتوقيع على الوثيقة الدستورية إلا أن هناك بعض الآراء كانت تطالب بمزيد من التجويد خاصة الحركات المسلحة، لذا رأت بعض الجهات أن يكون اللقاء مع الحركات المسلحة بأديس أبابا صاحبة المبادرة الأولى، وبالفعل طار عدد من قوى الحرية والتغيير إلى أديس واجتمعت الأطراف السودانية مع بعضها البعض والوسيط الأفريقي والإثيوبي ودارت اللقاءات في أجواء كلها تفاؤل من الجميع حتى المجموعات التي كنا نظن بأنها خميرة عكننة فلانت مواقفها من أجل الوطن وتحدث الأستاذ “ياسر عرمان” حديثاً يختلف كل الاختلاف عن مواقفه السابقة، فقد وضع الرجل السودان في حدقات عيونه، وقال لا نريد للسودان أن يصل إلى ما وصلت إليه بعض دول الجوار من خراب ودمار، إن الأجواء التفاوضية في أديس الآن تدعو إلى التفاؤل والعمل على حل المشكلة المتأزمة خاصة الوثيقة الدستورية التي تعد العقبة الكؤود في عملية التفاوض، إن دولة إثيوبيا تعد من دول الجوار المميز مع السودان وهي تلعب الآن دور الوسيط في الحل لأن استقرار السودان يعني استقرار إثيوبيا أولاً ثم استقرار المنطقة بأكملها خاصة وإن السودان يجاور كل من دول تشاد ويوغندا ودولة جنوب السودان ومصر وليبيا كلها دول تنشد استقرار السودان لينعم الآخرون بالأمن والاستقرار، لذا فإن المفاوضات بين السودانيين التي تدار بأرض الحبشة ستؤتي أكلها إذا ما استشعر الجميع المسؤولية، فالحركات المسلحة التي ناصبت الإنقاذ العداء واعتبرتها ظالمة ولم تفِ بوعودها معهم فها هي الآن قد رحلت ويجب أن يكون التغيير لمصلحة الوطن فمنطقة النيل الأزرق التي منحت “لمالك عقار” من قبل حاكما عليها فهي الآن في أشد الحاجة إليه ليكمل ما بدأه فالتهميش الذي تتحدث عنه الحركات المسلحة الآن ومن خلال التغيير الذي حدث يمكن أن يعملوا على إصلاح الأوضاع السابقة فالمواطن في النيل الأزرق، الكرمك وقيسان والانقسنا وكل المنطقة الآن في حاجة إلى الأمن والاستقرار للانطلاق نحو الإعمار والخروج من جبة التخلف والفقر، فالسودان محتاج إلى أيدي أبنائه الآن أكثر مما مضى، أما “عبد العزيز الحلو” الذي كان يشكل ثنائياً مع “أحمد هارون” والي جنوب كردفان الأسبق كان بإمكانه إنقاذ أهله من وطأة الفقر والجوع والحرمان، فمنطقة جنوب كردفان وكل المناطق التي تجاورها بها من الزراعة التي تكفي المنطقة والمناطق المجاورة وبها من الطبيعة الساحرة التي يمكن أن تجذب إليها السياح العرب والأوروبيين، ولكن عشعش في نفوس وقلوب أبناء تلك المناطق أن الجلابة هم من سيطروا على كل السودان، بينما يعيش الآخرون في الهامش، فالآن ثورة التغيير يمكن من خلالها إعادة ما فقدته تلك المناطق، وأبناؤها مستنيرون وعاشوا طوال فترة الحرب في الدول الأوروبية، ويمكنهم نقل التجربة الجيدة إلى مناطقهم لننهي الصراع الدائر منذ أكثر من ستين عاماً، فالفرصة مازالت متوفرة فعلى الجميع وضع أيديهم فوق بعض للانطلاق إلى رحاب أفضل.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية