طلبت قوى الحُرية والتغيير إمهالها (48) ساعة ريثما ترتب أمورها وتطلع على الوثيقة التي تم التوصل إليها بواسطة الوسيط الأفريقي ومن ثم تقوم بالتوقيع، فاليوم هو اليوم المحدد للتوقيع عليها بالأحرف الأولى، فهل يتوقع أن يتم التوقيع أم أن هناك طلبات جديدة تعمل على التأجيل للمرة الرابعة، إن المجلس العسكري وقوى الحُرية والتغيير لا سبيل لهما إلا التوقيع لإنهاء تلك الحالة المحبطة لكل الشعب السوداني الذي ظل يفقد الأمل في الاثنين نتيجة لهذه الجرجرة غير المعلومة أو المعروفة الأسباب، لا أحد كان يتوقع أن تمتد تلك الفترة إلى ما يقارب الأربعة أو الخمسة أشهر، الكل كان يمني النفس أن يتوصل الطرفان إلى الصيغة النهائية التي تنهي الأزمة المفتعلة بينهما، فالحُرية والتغيير التي لجأت إلى مقر القيادة العامة طالبة العون والمساعدة من العسكر، لم يخيب ظنها العسكريون، فقد قاموا بالواجب وأكثر، فقد أتاحوا لها الجلوس أمام بوابة القيادة العامة التي يمنع الاقتراب منها والتصوير، ولكن القوات المسلحة التي يهمها أمر هذا الشعب، وقفت إلى جانبه حتى كللت مساعيه ونجاح ثورته، فمن باب أولى كان لابد أن يكون التعامل مع القوات المسلحة بنفس الروح الجيدة التي تعامل بها معهم، ولكن للأسف ظللنا كل يوم نرى مشهداً جديداً لا ندري من يحرك تلك الأصابع ومن الذي يقوم بتعكير الأجواء ومن الذي يقوم بإشعال النيران، فإن الذين يطالبون الذين فضوا الاعتصام بالقوة وقتلوا الشباب يجب أن ننتظر ما تتوصل إليه نتائج التحقيق واللجان التي شكلت من أجل ذلك، فعملية الصياح اليومي لن يوصلنا إلى الغايات المنشودة، فالحُرية والتغيير قاما بدور كبير ويحمد لهم بل يسجله لهم التاريخ في الصفحات البيضاء، إلا أن العمل الكبير الذي قاما به أفسداه بالمماطلة واتخاذ أساليب جديدة كل مرة، فالقوات المسلحة مهما قيل عنها فهي صمام أمان البلد، ولو لاها لما نجحت الثورة فمن يقول غير ذلك يكون قد كذب على نفسه، فلن تنجح أي ثورة ما لم تتدخل القوات المسلحة، فثورة الشباب في مصر لو لا تدخل القوات المسلحة المصرية لما زال نظام “حسني مبارك” وكذا الحال في السودان، لذا لابد أن تتعامل الحُرية والتغيير على أن القوات المسلحة شريك أصيل في التغيير، فإن كان هناك شراكة حقيقية للحُكم فالعسكر أول من يحكم مع الحُرية والتغيير، قبل أحزاب الفكة التي شاركت لآخر لحظة مع نظام الإنقاذ، إن اليوم هو الموعد المضروب للتوقيع على الوثيقة بين الحُرية والتغيير والمجلس الانتقالي فلا أظن أن هناك أسباباً أخرى تمنع عملية التوقيع فكل شيء جاهز والطرفان اطلعا عليها وكل طرف أخذ من الوقت الكافي لعملية التعديل والتبديل والتغيير، فأي تأخير أو تأجيل ثانٍ، فإن الشارع لن يصبر أكثر مما صبر، فالحياة أصبحت لا تطاق والسوق أكل كل ما مع المواطنين، فكيلو الطماطم وصل إلى مائة وخمسين جنيهاً ورطل اللبن وصل إلى عشرين جنيهاً وكل احتياجات المواطنين تضاعفت أكثر من (300) في المية، فهل سيصبر المواطن أكثر من ذلك والحُرية والتغيير والمجلس الانتقالي يختلفون حول النقطة والشولة وما إلى ذلك، اليوم من المفترض أن يتم حسم الأمور، فكل من يتلكأ أو يحاول أن يعطل الإجراءات يجب تجاوزه، فالأمور أصبحت لا تحتمل أي تأجيل ثانٍ، وحتى الوسطاء أصيبوا بالملل والزهج من تلك الحالة، فلابد من الحسم الفوري لتعود الحياة إلى طبيعتها.