ولنا رأي

متى نخرج من عنق الزجاجة؟!

على الرغم من الروح الطيبة التي تسود قوى التغيير والمجلس الانتقالي، ما زالت بقية التفاصيل الصغيرة تقف عقبة في الوصول إلى حل نهائي يساعد في تشكيل مجلس السيادة والحكومة المدنية، لقد أحدثت قوى الحرية والتغيير تحولاً في البلاد لم يحصل في السودان بهذه الصورة الرائعة، فقد بدأت قوى الحرية والتغيير في حراك شعبي منذ التاسع عشر من ديسمبر الماضي وظلت المظاهرات والاحتجاجات تتصاعد يوماً بعد يوم، وما كان أحد يتوقع أن ينتهي هذا الحراك بالتحول الذي تم خاصة وأن الأجهزة الأمنية تعاملت مع المحتجين بالغلظة والضرب، ولكن لم يثنهم الضرب ولا الاعتقال ولا الموت من مواصلة المشوار فاستمر الشباب في طريقهم وحددوا السادس من أبريل موعداً لإنهاء نظام الإنقاذ ولم يصدق أهل الإنقاذ أنفسهم أن هؤلاء الشباب يمكن أن يقتلوا نظاماً تمددت جذوره في الأعماق واستهتروا بهم، وظل النظام في غيه إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة ولم يكن أحد يتوقعها فدخلت الجماهير إلى بوابة القيادة العامة واعتصموا فيها حتى كللت مجهوداتهم بوقوف القوات المسلحة إلى جانبهم، فأحسنت القوات المسلحة بانحيازها إلى تلك الجماهير، بعد البيان الأول كانت الجماهير تتوقع أن يتم خلال أربع وعشرين ساعة أو ثماني وأربعين ساعة تشكيل الحكومة المدنية، ولكن خاب ظن الكل فظل المجلس الانتقالي في موقف لا يحسد عليه خاصة وأنه لم يفكر في يوم من الأيام أن يتولى زمام الحكم بالبلاد، لذا قالها “البرهان” رئيس المجلس الانتقالي إن الحكومة ستكون مدنية ونحن لسنا راغبين في الحكم ولو دايرين نسلمها ليكم اليوم. ولكن قوى التغيير نفسها لم تصدق أن الإنقاذ قد زالت، ولا أحد يعلم كيف تفكر قوى التغيير وما هو نظام الحكم الذي سيكون؟ فالربكة التي حدثت لقوى التغيير جعلت المجلس الانتقالي يستعين بمستشارين يعينونه في كيف يتخذ القرارات السليمة وما هي الخطوات التي يمكن أن يتبعها. لذلك ظل المجلس متماسكاً أكثر من قوى التغيير على الرغم من الهدوء الذي يتمتع به عدد كبير من أعضاء قوى الحرية والتغيير والحديث المرتب للدكتور “الأصم” و”أمجد فريد” و”خالد عمر” وعدد منهم كانوا أكثر ثباتاً وعقلانية، ولكن هناك بعض التفاصيل كان بالإمكان أن يتم التوصل إليها بينهم والمجلس الانتقالي وهذه التفاصيل جعلت الشارع يتململ لطول الفترة التي لم يتم فيها حسم الأمور، وهذا التطوال جعل الولايات المتحدة الأمريكية تستعجل المجلس الانتقالي بتسليم السلطة، والاتحاد الأفريقي يطالب بفترة ثلاثة أشهر للتسليم ودولاب العمل شبه متعطل، لذلك الوقت ليس في مصلحة الطرفين؛ المجلس الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، فمن الأفيد لهما أن يستعجلا الحل بينهما دون أن تحدث تدخلات من أطراف أخرى يكون فيها ضرر على كل البلاد، فالعقلاء من الطرفين يجب أن يتدخلوا ليتنازل كل طرف للآخر حتى نصل إلى بر الأمان. أما إذا ظللنا نتوقف في الأمور الصغيرة، فلن نستطيع أن نبني دولة انتقالية ناهيك عن دولة كاملة، فالوضع الآن يحتاج إلى قوة عزيمة وإرادة من الجانبين فإذا دب اليأس في النفوس فلن تستمر الثورة كما بدأت.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية