ولنا رأي

الشعب السوداني يمارس شعائره بدون إرهاب مرة أخرى!

وصلتني قبل أيام رسالة مطولة من الأستاذ “سعيد دمباوي” معلقاً على ما كتبناه في هذه الزاوية عن أن السودانيين يمارسون شعائرهم الدينية بدون إرهاب، وقد أتحنا للأستاذ “سعيد” الرد ولم نحذف كلمة أو عبارة عن المقال الذي قدمه لنا بفلاش، ولكن يبدو أن الأستاذ “سعيد” والشيخ الذي جاءه غاضباً يحمل الصحيفة وبها المقال لم يقرأ المقال صحيحاً ولم أعارض في المقال الذي خطه يراعي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكنني اعترض على عملية التطبيق، ولم أقل إن التاجر يجب أن يمارس تجارته يوم (الجمعة) والصلاة قائمة.. ولكن قلت إن وقت الصلاة لم يحن، وحقيقة نحن السودانيين نعرف كيف نمارس شعائرنا الدينية ولا نحتاج إلى توجيه من أحد، وقد لاحظنا كثرة المساجد في الأحياء وفي الأسواق وعند صلاة (الجمعة) يتدافع الناس إلى الصلاة ليس وجلاً أو خوفاً من الشرطي أو مسئول المحلية الذي يطالب التاجر بإغلاق محله التجاري أو اقتياده باعتباره لم يلتزم باللوائح أو القوانين الوضعية وليست الربانية.. ألم يقل المولى عز وجل في كتابه العزيز مخاطباً رسول الأمة والبشرية محمد صلى الله عليه وسلم قائلاً: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ). والدين يسر وليس عسر.. لا أعتقد أن تاجراً معترض على إغلاق متجره لأداء الصلاة، ولكن الطريقة التي يؤمر بها الشخص بالإغلاق قبل زمن الصلاة هي التي تحدثنا نحن عنها، ولم نقل لا تأمروا السودانيين بالمعروف وتنهونهم عن المنكر – حاشا لله – لم أقل ذلك ولم أقل استثنوا السودانيين من ذلك.
فالدين الإسلامي واحد وتطبيقه واجب على كل المسلمين في السودان أو في السعودية أو في ماليزيا أو في الصومال وإغلاق المتاجر للصلاة لماذا يكون قاصراً على (الجمعة) فقط، فهل يغلق التاجر متجره يوم (الجمعة) فقط لأداء الصلاة، أم الصلاة مفروضة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم خمس مرات في اليوم؟، لماذا جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم تلاحق أصحاب المحلات التجارية بقية الأسبوع؟ لماذا لم تطالبهم عند كل صلاة بإغلاق محالهم التجارية والذهاب لأداء الصلاة، والمسلم العاصي أحياناً لا يؤدي الصلاة طالبته بإغلاق متجره أو لم تطالبه حتى لو أغلق محله التجاري بإمكانه ألا يذهب لأداء صلاة (الجمعة) أو بقية الصلوات المفروضة.
في أواخر أيام الأستاذ “محمد إبراهيم نقد” قبل انتقاله إلى الدار الآخرة كان قد حدد لي موعداً لإجراء حوار معه بدار الحزب الشيوعي بنمرة (3) وعندما أذن لي بالدخول وجدت ثلاثة من أعضاء الحزب الشيوعي داخل دار الحزب وهم يؤدون صلاة الظهر بفناء الدار وهؤلاء هم الشيوعيون المتهمون بالإلحاد وعدم أداء الصلاة فلا أمر بالمعروف ولا نهي عن منكر، حتى الراحل “نقد” ذكر في الحوار أنه يحفظ جزءين من القرآن ويؤدي صلواته دون أن يحسه أحد غير الوازع الضميري والديني، وقال كان يؤدي صلاة (الجمعة) بمسجد الشيخ “قريب الله” بأم درمان دون أن يعلم به أحد. فنحن لا ننكر مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذه مبادئ أساسية نعترف بها ولا ننكرها ولا نطالب بعدم العمل بها ولكن يبدو أن المقال لم يفهم صحيحاً واعتبرت من الذين يرفضون تحقيق مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحن أهل السودان لسنا محتاجين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باعتبارنا نفهم الدين جيداً ولا نريد يعلمنا إياه أحد.
ونقول للأستاذ “سعيد” وشيخه نحن لسنا علمانيين ولكن كثيراً من العلمانيين يعرفون الدين جيداً، وقلت يا أستاذ “سعيد” إنك لا تتحدث عن الإنقاذ وتتبرأ عن كثير من أقوالهم، وأن الإسلام ليس ملكاً للإنقاذ ولا غيرهم، إذاً فماذا تقول للذي يطلب من التاجر أو الشخص الذهاب معه إلى الشرطة أو النيابة أو المحلية لأنه تلكأ في إغلاق متجره عند الثانية عشرة، وماذا تقول عن الحكم الذي يوقع على تاجر أو صاحب المحل قبل أن يتأكدوا أنه فعلاً خالف أوامر المحلية وليس الشرع.. ألم يكن ذلك إرهاباً أن يُقتاد الشخص ويغرم مبلغ مائتي ألف جنيه ليس لأنه لم يصلِّ ولكنه لأنه لم يغلق محله التجاري، عموماً أستاذ “سعيد” وشيخه نريد أن يكون التطبيق للدين الإسلامي كما جاء وليس كما يريد الأشخاص أو المسئولون، ونؤكد أن الشعب السوداني يعرف الدين جيداً ويمارسه بطريقة سليمة دون أن يطلب منه أحد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية