انتبهوا وتفهموا أيها السادة.. (عطالة الشباب)!!
يمتد همي وحزني لقضية شباب اليوم التي شغلت الرأي العام في بلد يجري فيه النيلان سودان العزة والشموخ، الوطن الشاسع الكبير الغني بموارده المتعددة، شباب تدفقت دماؤهم الحارة في شرايينهم مثل تدفق مياه النيلين من المنبع حتى المصب نعمة منَّ الله بها أهل السودان، هؤلاء الشباب يعيشون أزمة اسمها (العطالة)، صعب على الدولة حلها بكل الوسائل بصورة نهائية رغم جهودها في إتاحة الفرص للمشاريع الصغيرة المنتجة المتواضعة.
(عطالة الشباب) بكل الفئات من خريجين وغيرهم، نجد في السودان عشرات الجامعات وفي كل عام آلاف الخريجين، تدفع بهم الجامعات الى مصير مجهول بعد ما نورت عقولهم وبصرتهم على الطريق بالصورة العلمية من مناهج ومقررات درسوها وتجارب وبحوث علمية خبروها وسلموها لإدارات الجامعات لتصبح في مقبل الأيام مستقبلاً تستنير منه الأجيال القادمة. ولكن أين تجد عصارة العلم من شباب بلادي مكاناً للتطور بعد صرف الملايين المستقطعة من قوت دخل الأسر حتى تكتمل طموحات وأحلام الشباب الذين لا يعرفون مدى مستويات تعليمهم، فتغلق في وجوههم كل الأبواب الموصدة لوظيفة تليق بهم.
فمثلما توفرت الجامعات على مستوى ولايات السودان المختلفة، لما لا تتاح الفرص لهؤلاء الشباب الخريجين ومنهم الطبيب والصيدلاني والمهندس والزراعي والبيطري والأستاذ والمصرفي، ومختلف المسميات الوظيفية. الوطن في حاجة ماسة للشباب العاطل عن العمل، الذين يحملون أعلى درجات التعليم في عقولهم، والكل منهم يأمل أن يجد (شغل) في بلد أرضه الخصبة تحتاج إلى الخبير أو المهندس الزراعي لزراعة القطن والفول وغيرهما من المنتجات والمحاصيل الزراعية التي لا تحصى ولا تعد. يمكن تسخير مقدرات هؤلاء الشباب في حرث هذه الأرض الطيبة المنتجة للخير الوفير.
لماذا يتساهل هذا الوطن في الشباب ذوي الكفاءات والخبرات الذين يتجهون صوب الهجرة إلى بلاد لا يعلمها إلا الله؟ السودان أصبح لا تتوفر فيه فرص حقيقية للعمل وبأجور مجزية توازي متطلبات الحياة التي أضحت قاسية على كثير من الأسر السودانية وعدم محالفة الحظ لهم.
في تقديري أن من مشاكل (عطالة الشباب) التي تهدد المجتمع هي تولد الأفكار الإجرامية التي تنمو فيهم وممارستهم لبعض الأعمال الضارة من تناول الخمور والمخدرات المسكنة التي تنقلهم إلى عوالم أخرى ينسوا بها شبح (العطالة)، لذا انتبهوا وتفهموا أيها السادة لقضيتهم المؤرقة.
في أمريكا وأوربا تخصص ميزانية للذين لم يحالفهم الحظ في ممارستهم لبعض المهن التي يمتهنونها لمحاربتهم قضية (عطالة الشباب) حتى لا يحس الفرد منهم بالدونية وتتراكم في نفسه أشياء لا يقبلها المجتمع.
على الدولة عندما ترغِّب المستثمرين الأجانب في إنشاء المشاريع بالسودان أن يكون شرطها الأساسي لها توفير أغلبية الكادر البشري من أبناء بلادي، وأن ترفع عنها أعباء الجبايات والضرائب والعوائد من نفايات وغيرها في بدايات المشاريع حتى يكون بمثابة تحفيز للمستثمر. بنفس القدر نجد بعضاً من أبناء السودان ذهبوا إلى دول مجاورة لإنشاء مصانع ومشاريع استثمارية خوفاً من ارتفاع تكاليف الجبايات والرسوم والضرائب والكهرباء التي تفرض على أصحاب المشاريع، لان البيئة المتوفرة للمستثمر محفزة جداً لهم.
لابد للدولة من وضع خطط سنوية لإنشاء المشاريع التي تستوعب الالاف من الخريجين في كل عام، واستثمار الكوادر البشرية المقدرة والمتطورة في جميع المجالات المختلفة، التي تسهم بحجم أكبر في تنمية وترقية نمو اقتصاد البلاد في دفع عجلة الميزانية العامة. بأن تتجه إلى إنشاء المشاريع الزراعية والحيوانية، فوجب علينا أن ننسى شيئاً اسمه البترول، لان الله وهب أهل السودان الأراضي الزراعية والمياه الجارية والنابعة والجوفية، كلها تعتبر بترول، وأن لا تدع خروج جزء من البترول عن دائرة الإنتاج يعني أنها الأزمة الاقتصادية الضاربة بجذورها في الميزانية.علينا أن نبحث عن البدائل وفي اعتقادي أن الزراعة والثروة الحيوانية هما البترول الحقيقي للسودان، والذي به تتوفر فرص العمل للشباب.
أخر البث:
ولاية الخرطوم في مطلع العام الجديد، أدخلت وسائل نقل جديدة لجعل العاصمة نظيفة بإنشاء مشاريع تستوعب خلالها عدداً كبيراً من الشباب في مشروع نظافة العاصمة، وهذا يعد مجهوداً مقدراً للقائمين على الأمر لإتاحة فرص لبعض الشباب الباحث عن العمل كمصدر للرزق الطيب.. نتمنى مزيداً من المشاريع حتى تنخفض نسبة (عطالة الشباب).