من أقوى القرارات التي اتخذها بنك السودان هذه الأيام، تجميد صناع السوق ،إن هذا السوق يعد أحد الكوارث التي أدت إلى تدهور سعر العملة وإلى تدهور الحالة الاقتصادية . لقد كتبنا مع بداية إنشاء هذا الجسم وحذرنا من أنه سيكون كارثة على الاقتصاد السوداني خاصة وأن الذين يعملون فيه أصلاً من المتعاملين في العملة، فكيف تأتيهم الدولة في محلهم؟ إن رئيس الوزراء السابق الأستاذ “معتز موسى” كانت نيته سليمة وإن إنشاء هذا الجسم سيساعد في إيقاف تدهور العملة، أو محاولة لاستقطاب من يملكون العملة الحرة ويبيعونها بالأسعار التي تحددها تلك الجهة، ولكن للأسف طار سعر الدولار من تسعة وعشرين جنيهاً إلى أكثر من أربعين، وظل التصاعد فيه حتى وصل إلى الأرقام التي نحن عليها الآن. المواطن كان يظن أن الأسعار التي تحدد من خلال هؤلاء الصناع ستؤدي إلى انخفاض الدولار، ولكن كان العكس فالسوق الأسود أو الموازي لن تستطيع السيطرة عليه إن لم يكن لك مال تجاريه به، فمشكلة تدهور العملة بدأت منذ عهد الجنرال “الركابي”؛ وزير المالية الذي جاء ورفع سعر الدولار الجمركي من ستة جنيهات إلى ثمانية عشر جنيهاً ثم تحديد سعر البنك التأثيري بتسعة وعشرين جنيهاً، فكل التجار الذين يتعاملون في الأسواق الخارجية لجأوا إلى شراء الدولار بمبالغ زيادة مما أثر على كل السلع الضرورية المستوردة، بل أثر حتى على السلع المحلية فطالت الزيادات كل ما يهم المواطن من الزيت حتى الصابون، وظلت الأسعار في تصاعد يومي والسيد وزير المالية لم يتراجع عن قراره ظاناً أنه القرار السليم. ولكن للأسف كل أهل الاقتصاد لم يثنوه عن تلك الفعلة التي أدت إلى مزيد من التدهور في العملة وفي تصاعد الأسعار. ولم نعرف ما هو فهمه في ذلك رغم أن المواطن العادي والذي لم يدرس الاقتصاد ولم تكن له أي علاقة بالسوق عرف من خلال تعامله اليومي أن قرارات وزير المالية السابق كارثية ولن توقف التدهور اليومي في الأسعار ، لذا فإن القرار الذي صدر من قبل المتخصصين في المجال الاقتصادي ببنك السودان أحسوا بخطورة القرارات السابقة فاتخذوا القرار السليم بتجميد آلية صناع السوق، والتجميد يعني الفناء والزوال أي لن تقوم لها قائمة تانية وأعتقد هذا من أفضل القرارات التي صدرت بعد تشكيل حكومة الكفاءات، وسنرى نتائجها قريباً أولاً على مستوى العملة وثانياً على مستوى السلع الاستهلاكية مضافاً إلى ذلك تخفيض الدولار الجمركي، وهذا سيساعد على تدفق الواردات بأسعار أقل مما كانت عليه في الفترة الماضية كما سيساعد في الصادرات وسوف يتحسن الوضع الاقتصادي وستنخفض العملات الأجنبية من دولار وغيرها من العملات الأخرى التي تصاعدت بدون أي مبرر، فإذا نظرنا إلى الإخوة المصريين الذين مر اقتصادهم بنفس ما نحن عليه، بل كانت العملة الأجنبية الدولار في مستوى واحد (17) جنيهاً مقابل الجنيه السوداني أو المصري. ولكن ظلت العملة المصرية في مكانها بينما تحرك الدولار مقابل الجنيه السوداني عشرات المرات فالإخوة المصريون لم تكن في أيديهم عصا موسى، ولكن وضعوا الرجل المناسب في المكان المناسب وهذا الفرق ما بيننا وبين إخوتنا المصريين، فالآن السيد رئيس الوزراء يمشي بخطى ثابتة في معالجات كل الأخطاء السابقة وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل حكومة الوفاق الوطني الأولى أو الثانية فليستمر السيد “أيلا” في عملية الكنس والمسح لنرى سوداناً جديداً على يديه .
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق