ولنا رأي

لماذا ود نوباوي؟!

صلاح حبيب

ظل حي ود نوباوي أحد الأحياء العريقة بمدينة أم درمان، وواحد من الأحياء التي أسسها الإمام “المهدي” عندما نزح من جزيرة (لبب) إليها وجعل الحي موطناً له وموطناً لمعظم الدناقلة الذين نزحوا معه، ولكنه أصبح هدفاً لكل طامع أو محاولاً القضاء على أهله من الأنصار، فتعرض الحي إلى استهداف في ظل الحُكم المايوي وكانت مجزرة ود نوباوي التي راح ضحيتها آلاف من الأبرياء الذين كانوا يسكنون المسجد الذي أطلق عليه اسم مسجد ود نوباوي أو مسجد السيد “عبد الرحمن المهدي”، فالآن كل الذين يحاولون التغيير جعلوا المسجد أو المنطقة نقطة انطلاق لتحقيق أهدافهم، رغم أن أهل المنطقة الذين اكتووا بنيران التغيير في مايو لم يجنوا إلا الخراب والدمار، ولم يجد أهل الحي من يمسح دمعتهم عندما انطلق الرصاص وقاذفات اللهب التي استخدمتها القوى العسكرية حينما لم يستجب الرصاص إلى قلوب وأفئدة حافظي كتاب الله، فكانت النيران المشتعلة تأكل في أجساد الأبرياء الذين لم يعرفوا السبب الأساسي الذي أتى بتلك القوة العسكرية لقتلهم، فمات العجزة والأبرياء وحفظة القرآن، وحصدت الأسلحة الفتاكة الأبرياء من الأهل الذين جاءوا من كل الأصقاع محبة “للمهدي” والمهدية وحفظ القرآن، فعاشت ود نوباوي أياما عصيبة كان الرصاص في البيوت أشبه بنواة التمر يلتقطه الصبية من الأرض، فاليوم كل ثائر يحاول أن يتخذ من ود نوباوي نقطة انطلاق لتحقيق أهدافه ومراميه، فكفى ما لاقاه الأهل في السنين الماضية من تشريد وتخريب وتدمير، فود نوباوي مثلها ومثل أي بقعة من بقاع الوطن تقف مع الجميع، ولكن لن تكون نقطة الانطلاق لضرب أهلها كما هو الآن، فود نوباوي اليوم أكثر المناطق استهدافا فالعجزة والمرضى والأطفال تأذوا من رائحة البمبان التي تطلق يومياً على الحي، فأصيب الجميع بالأزمات والاختناق بسبب تلك الروائح، إن الاستهداف بالتأكيد لم يكن للحي فقط وإنما للكيان الذي يشكل خوفا إلى كل الأنظمة الحاكمة، فحينما أتى النظام المايوي لم يتصدَ له إلا حزب الأمة والأنصار، فكانت البداية تلك المعركة الشرسة في ود نوباوي ثم انطلقت إلى معقل قادتها الإمام “الهادي المهدي” الذي كان يسكن الجزيرة أبا ورغم أن النداء الذي وجهه إلى النظام المايوي في بدايته لم يكن فيه أي استهداف، ولكن طالب بإبعاد الشيوعيين، ولكن “النميري” وزمرته حاولوا أن يكيدوا له فلفقوا له التهمة ليكون صيدا سهلا أو يكون هدفاً لتصفيته، وبالفعل ادعوا أن الأنصار أرادوا أن يقتلوه في منطقة النيل الأبيض، وعاد موكب “النميري” ليبدأ الخطة لضرب الكيان، وبالفعل نجحت خطتهم وحصدوا الأبرياء في الجزيرة أبا كما حصدوهم في ود نوباوي، فكان النظام المايوي يريد أن يتخلص من الحزب الكبير حزب الأمة والأنصار، ومن ثم يخلو له الجو ليحكم وهو خالي البال، ولكن كانت النتيجة بعد ست سنوات من تلك المجازر أي في الثاني من يوليو 1976 خطط الحزب مع بقية الأحزاب الأخرى لضرب النظام المايوي، فجاء جيش عرمرم من ليبيا إلى الخرطوم وكان الأنصار القوة الكبرى فيه، محاولين الانتقام لما جرى لهم في الجزيرة أبا وود نوباوي، فالأنصار أكثر الأحزاب السياسية استهدافا من خصومهم، لذا دائما تحاول بعض القوى السياسية أن تجعله كبش فداء فالحراك السياسي اليوم يحاول أن تكون ود نوباوي نقطة تحركهم، صحيح الإمام “الصادق المهدي” إمام الأمة والأنصار له تأثير كبير في الساحة السياسية ووجوده في مسجد ود نوباوي له أثر في كل شيء ولكن لن نجعل الأهل هم الوحيدون الذين يتأذوا من تلك الصراعات هم مع الجميع ولكن لن يكونوا هدفاً لضربهم.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية