الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى تأزم الأوضاع في البلاد جعلت الكثيرين من أبناء هذا الشعب التفكير بجدية لإيجاد حلول لها، فأمس الأول نظمت صحيفة (المستقلة) عبر منتداها الذي درجت على قيامه منذ أن بدأت الأزمة، واستضافت أهل الشأن الاقتصادي لإيجاد رؤية تخرجنا من هذا النفق المظلم، فكان ضيوف المنتدى أمس الأول الأستاذ “علي محمود عبد الرسول” وزير المالية الأسبق، رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني، والأستاذ “مصطفى حولي” وزير الدولة بوزارة المالية، وحضر اللقاء عدد كبير من رؤساء التحرير وكتاب الأعمدة وعدد من الإعلاميين بالفضائيات والصحف المختلفة، عنوان المنتدى كان حول الاقتصاد المشكلة والحلول، إن المشكلة الاقتصادية بالبلاد الكل يعلم أسبابها ومسبباتها، ولذلك حينما يجلس أمثال هؤلاء الوزراء في مثل هذه المنتديات يفترض أن تكون هناك حلول واضحة، لأن الحديث عن الاقتصاد بالطريقة التي نراها في كل المنتديات لا تخرج لنا بالنتائج المطلوبة، فنحن الآن أزمة أدت إلى اشتعال الشارع واحتجاجات معروفة أسبابها الممثلة في الخبز والوقود والنقود، فهذا الثالوث يفترض أن تكون له معالجة مستعجلة لأننا لا نريد الاقتصاد الذي يفهمه أهله، ولكن نريد الاقتصاد الذي يحل مشاكل المواطنين بأرقام محددة واحد اثنين بدلا من الحديث الكثيف وفي النهاية الناتج يكون صفراً، فالأستاذ “حولي” اعترف بالمشكلة وحددها بسعر الصرف والتضخم والتشغيل بمعنى أننا لابد أن تكون الدولة واعية لمشكلة الشباب الذين خرجوا إلى الشارع ولهم مطالبهم، ولكن كيف يتم حلها في ظل الظروف التي تواجه البلاد، فالوزير “حولي” تحدث حديثا كثيفا عن الاقتصاد الكلي والجزئي وأسباب المشكلة، وهل في الكلي أم الجزئي أم أن المشكلة إدارية؟ الدولة أحيانا تغفل عن وضع الأولويات، فالمشكلة الاقتصادية انفجرت بدون أي مقدمات، فالشارع خرج فجأة ولكن الأزمة أصلاً كانت موجودة، فهي أشبه بالبركان الخامد ومن ثم يثور أو ينفجر بدون مقدمات، لذا ورغم الزمن الطويل الذي استقر المنتدى لم نخرج بحلول عاجلة فالأستاذ “علي محمود” قال ما في حل بسرعة، فحتى الدول التي نهضت مؤخرا مثل ماليزيا وتركيا في أول تجربة انكشف الغطاء عنهم، بمعنى أن “مهاتير محمد” رئيس وزراء ماليزيا، حينما نهض باقتصاد بلده كان بسبب الاستثمارات الخارجية، وحينما سحبت بعض الشركات العالمية أموالها عاد الاقتصاد إلى ما كان عليه، فعانت ماليزيا ولم تكن كما كانت في السابق، وكذا الحال بالنسبة إلى تركيا فحينما تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية بالعقوبات هبطت الليرة إلى مستويات متدنية، لأن تركيا تستدين من الخارج وعليها ديون كثيفة، وحينما واجهت أول مشكلة مع أمريكا انكشف حال اقتصادها، لذا فإن المشكلة الاقتصادية السودانية لن تتعافى إلا من خلال الإنتاج والإنتاج فإذا لم يكن هناك إنتاج فلن ينصلح حال الاقتصاد، وقال علينا ألا نعالج العرض ونترك المرض، فقال إذا لم نعالج الملاريا من جسم الإنسان فلن يشفى المريض، وقال هناك تشوهات في العملية الاقتصادية مثلا أن يباع الصمغ العربي إلى دول خارجية بسعر لم يكن السعر الحقيقي أي أن يكون سعر البيع مثلاً (2850) دولاراً ولكن التاجر يبيعه بثلاثة آلاف دولار، ففرق السعر الزائد لا يعود إلى داخل البلاد، وكذلك في حالة الواردات.
المنتدى استمعنا فيه إلى كلام كثيف ولكن لم نخرج بنتائج توقف الاحتجاجات التي نراها في الشارع العام لأن السيد الوزير اعتبر الأسئلة التي طرحها الإعلاميون فيها جانب سياسي، والوزير يجب أن يعرف أن المشكلة ارتبطت بالجانب السياسي، فالمشكلة سياسية اقتصادية ولابد من حل عاجل.
إن فكرة المنتدى ممتازة لأن الحصول على كثير من أهل الشأن أحياناً يكون عسيراً فنأمل أن نجد من يضعون النقاط فوق الحروف.