.. أخيراً يبدو أن كلاً من السودان ومصر وإثيوبيا قد وصلوا إلى مربع العقلانية في التعامل مع أزمة سد النهضة ويبدو أن كلمة السر في ذلك كانت كلمة سودانية كاملة الدسم فما إن استقرت علاقات الخرطوم والقاهرة في حدود التفاهم على وجهه الحالي حتى انعكس ذلك واضحا على قضية سد النهضة وقد لا يكون موقف السودان خلال المرحلة الماضية والتي شهدت تعقيدات كبيرة يماثل القراءة التي قرأتها القاهرة له بتلك المقصدية في التآمر على الموقف المصري مع الجانب الإثيوبي إلا أنه ومن المؤكد أن الخرطوم قد لعبت على هذا الملف بروح المناورة وفق مقتضيات مواقف الطرفين اللذين لعبا معاً خلال الفترات الماضية بكل الأسلحة السياسية والدبلوماسية الماكرة وإن كان يحسب لهما أنهما لم يتجاوزا ذلك إلى حد المواجهة العسكرية منذ أن غير الجانب المصري المشهد في حلايب في أعقاب حادثة أديس أبابا الشهيرة .. وبالطبع فإن وجه مثل الشاب “أبي أحمد” يزيد من موضوعيات تفاهم الأطراف الثلاثة ويدفع به دفعات مقدرة وبعيدة بل إن هذا الشاب لديه الآن من الأفكار الإستراتيجية لمستقبل المنطقة ما يتجاوز حتى طموح الخرطوم والقاهرة بالرغم من ما يربطهما من تاريخ حقق روابط سياسية مختلفة.. والعقلانية الآن اقتضت أن تعلن الأطراف الثلاثة عن تواضعها تجاه المشروع على مبدأ لا ضرر ولا ضرار وهو المبدأ الذي يجعل مصر قريبة الآن من ما ستخرج عليه مخرجات هذا المشروع الكبير كما أن وجود السودان بهذه الروح الجديدة سيزيد من ثقة مصر فيما بين يدي أديس أبابا التي تتطلع هي الأخرى لتعاون بفهم جديد مع القاهرة وهو الفهم الذي يطرحه الآن هذا الشاب “أبي أحمد” بجرأة مدهشة وثقة مفرطة ..