ولنا رأي

رأس السنة بالقاهرة!!

في نهاية كل عام يحتفل بعض الناس وليس كلهم برأس السنة، وهو تقليد غربي، حاول الشرقيون الاقتداء بهم كنوع من التغيير من رتابة الحياة وضغوطها طوال (364) أو (365) يوماً من المعاناة والتعب والتفكير، يحاول بعض الناس أن يجدوا متعة بريئة في ذلك اليوم من خلال الاحتفال الجماعي أو على نطاق الأسرة أو الحي، كما درج البعض عليه في نهاية كل عام، بأن تتجمع بعض الأسر في منزل جار أو صديق، يعيشون ساعة أو ساعتين في بهجة ومسرة، يودعون العام الذي سبق بكل ما فيه من أحزان وآلام، ويستشرفون العام الجديد بنوع من التفاؤل والأمل والرجاء. وليس الاحتفال بنهاية العام الميلادي أو برأس السنة السابقة أو اللاحقة، كله سيء ولهو حرام، فهناك الاحتفالات التي تكون في الصالات العامة، ويشارك المواطنون تلك الفرحة فنان يلطف من كدر الحياة ومشاكلها، ربما هناك آراء لبعض المتعصبين دينياً، أن الاحتفال حرام ويرتكب فيه المعاصي والآثام، ولا ندري ماذا يقولون إذا كان الاحتفال فيه لهو برئ ولا ترتكب فيه الآثام والمحرمات، هل في هذا حرمة أم الحرمة مع المعاصي؟
في نهاية كل عام وفي الغالب لا نحتفل به نظراً لظروف العمل الصحفي الذي لا يمكن معه أن نلهو حتى لهواً بريئاً، فدائماً الصحفيون والغالب منهم لا يستمتعون بتلك اللحظات الجميلة، فعندما يفرغ الصحفي من عمله ليس له هم إلا كيف يصل إلى البيت ليستجم من عنت ومشقة هذه المهنة والبحث عن الأخبار و(توضيب) الصفحات، ودائماً الصحفيون محرومون من متع الحياة في نهاية العام وغيرها، لذلك دائماً نسترجع أيام ما قبل المهنة، وأذكر في قاهرة المعز وأيام كنا طلبة دائماً نحرص على الاحتفال برأس السنة في إحدى شقق الزملاء، واللهو دائماً بريء يخلو من المحرمات والمعاصي. كنا مجموعة من أولاد أم درمان مع قلة من أبناء الولايات، لكن الغالبية العظمى من أولاد أم درمان، وجلهم كانوا في طب (عين شمس) الآن اختصاصيين في مجالات الطب المختلفة “عبد الله أحمد المحجوب”، “موسى عمر محجوب”، “كمال شريف” و”كمال محمد إبراهيم”، “الفاتح البحر”، “عماد الخير الشفيع”، “عبد المنعم سلامة حموري” و”تاج الأصفياء حسين”، “فيصل بشرى كرار”، “بدر الدين إبراهيم” و”حمدي وكمال محمد عثمان” ومن الأزهر الشريف “صلاح عبد العزيز” من أولاد القطينة، و”عز الدين محمد علي” من أولاد الكاملين، وعدد آخر من الزملاء بكلية طب (عين شمس)، كان الاحتفال مبسطاً ويجمع (الشيرنق) من كل واحد، وهو مبلغ زهيد. ومصر أيامها كانت من أرخص الدول، عشرة جنيهات تمكنك من العيش فيها بسهولة، فالبرتقال أبو صرة والعنب والجاتو واليوسيفي والشاي باللبن مع بعض السندوتشات، ويبدأ الاحتفال بعدد من الفقرات، برع الأخ “عماد” في إخراجها. أما إعداد الطعام، فهو من اختصاص الأخ “عبد المنعم سلامة” ودكتور “موسى” وهما من المختصين في شؤون المطبخ. وتستمر البرامج مع الاستماع إلى بعض ممن يجيدون الغناء، “موسى” صوته أجش لكن يحفظ بعض الأغاني، “عبد المنعم” يحسن الغناء مع المجموعة، وكذلك “عماد الخير”. أما “عبد الله”، فمستمع جيد، والأخ “عصام شرفي” بتاع بهجة وفرح، وأحياناً نستعيض عن ذلك بالاستماع إلى شريط غنائي لفنان سوداني أو غربي، ونظل في اللهو حتى يأتي منتصف الليل، ويبدأ الزملاء في مباركة العام الجديد ووداع العام السابق، أملاً في أن يكون العام الجديد أفضل من السابق ومن ثم يتفرق الجميع.
والقاهرة لا تنام في نهاية السنة أو في الأيام العادية، لذلك كل يذهب إلى شقته وهو مطمئن، وكان آخر احتفال برأس سنة عشناه مع تلك المجموعة، وما تبقت لنا من سنوات في قاهرة المعز عشناها في احتفال أصغر من الذي كنا نقيمه. لذلك نشارك جميع الأخوان والزملاء هذا العام ومعظمهم خارج السودان أن يعيده الله عليهم بالرفاهية والأمن والاستقرار.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية