كشف “صديق الهندي” المحامي العام، رئيس لجنة تقصي الحقائق التي شكلت بقرار من رئيس الجمهورية، مؤخراً بأن اللجنة جمعت المعلومات من جهاز الأمن والمخابرات، ومن بعض الجهات وهي ستعمل على تقييمها، بينما طلب وزير العدل تقارير وفاة المعلم بكسلا.
إن الأحداث التي شهدتها البلاد الأيام الماضية وراح ضحيتها عدد من أبناء هذا الوطن، ما كان ينبغي أن تحدث لو تعامل المسؤولون بحكمة وأسلوب حضاري، كما فعلت الاحتجاجات التي قالت إنها سلمية منذ انطلاقتها ـ ولكن الحكومة والجهات المسؤولة بدلا من وضع الحصان أمام العربة وضعته خلفها، فالجهات المسؤولة كان عليها أن تجتمع كجهاز الأمن والمخابرات الوطني ووزير العدل ووزارة الداخلية والنائب العام، كل تلك الجهات كان ينبغي أن تستعد إلى تلك الأحداث وما يمكن أن تتوقعه فيها، فلو اجتمع الكل ووضعوا خطتهم كان بالإمكان أن يجنبوا البلاد الوفيات التي وقعت طالما الاحتجاجات سلمية ولم يتعرض المحتجون إلى أغراض الدولة أو المواطنين ولم يحرقوا دكانا أو طلمبة أو أي مؤسسة حكومية، ولكن الدولة دائما تأتي متأخرة، وتصبح المعالجات صعبة بعد ذلك فالآن اللجنة التي تم تشكيلها وظلت في حالة اجتماع وجمع المعلومات، ما الذي سوف تقدمه هذه اللجنة إلى أهل المتوفين أو الذين مازالوا في الاعتقال أو الذين ألهبت الأجهزة ظهورهم بالسياط، ما الذي ارتكبه هؤلاء الشباب حتى يتم الانتقام منهم بهذا المستوى؟ ما هي المؤسسات الحكومية التي دمروها ليكون عقابهم السحل والموت، إن اللجنة لن تستطيع أن تعيد شيئا فقد، ولن تستطيع أن تعاقب مسؤولا في جهاز الأمن أو الشرطة بحجة أنهم قاموا بقتل المتظاهرين أو تعذيبهم، وحتى لو تم القبض على أولئك سيقولون لهم إنها أوامر صدرت لهم، وهم قاموا بتنفيذها ففي هذه الحالة ما الذي سوف تفعله اللجنة مع أولئك مرتكبي تلك الجرائم وهم لهم الحجة في ذلك بتنفيذ الأوامر، ولكن لو كانت تلك الأجهزة مجتمعة وضعت خطتها للتعامل مع المظاهرات أو المحتجين بأسلوب حضاري لما وقعت تلك الإصابات أو حالة التعذيب، إن الدولة ينبغي أن تسبق الأحداث ويجب أن تكون لها خطة في كل مرحلة من مراحل تلك الاحتجاجات، فمدير جهاز الأمن والمخابرات، الفريق “صلاح قوش”، حاول أن يمتص غضب الشارع ووقف الاحتقان، بإصدار قراره بإطلاق سراح المعتقلين، فلو كان هذا القرار سابقاً للاعتقالات كانت فائدته أفضل على الرغم من تأخره، فاللجنة التي شكلت ستعقد العديد من الاجتماعات وستجمع الكثير من المعلومات وربما تزور أماكن مختلفة للوصول إلى الحقيقة، ولكن هل ما تتوصل إليه اللجنة يمكن أن تصدر قرارات تجاه مرتكبي الجرائم وهل من حقها أن تصدر قرارات بتعويض من ارتكبت الجرائم في حقهم وحتى الإصابات هل يمكن أن تعوض أم أن اللجنة مهمتها جمع المعلومات ورفعها إلى الجهات الأعلى، في أحداث سبتمبر 2013 شكلت ايضا لجنة لتقصي الحقائق فجمعت اللجنة المعلومات وتوصلت إلى الأضرار التي ارتكبت تجاه المواطنين، ولكن حتى الآن هناك بعض المتضررين لم يستلموا تعويضاتهم رغم توصيات تلك اللجنة.. أما المتوفين فلم يعرف أهلهم مصير قتلتهم.. وهل توصلت اللجنة إلى الجناة؟ وما هو القرار الذي اتخذته تجاه أولئك، إن اللجان التي تشكل في تلك الحالات ليست ذات فائدة كبيرة وفيها إهدار إلى الطاقات ومنصرفات زيادة على الدولة فالأفضل الاستعانة بنفس الجهة التي تعرف منسوبيها تماما وهي التي كلفتهم بهذا العمل، فكل من ارتكب جرما معروفا بالقتل أو التعذيب بدلا من تلك اللجان.