شكك كثير من المراقبين بالداخل والخارج عن موقف المملكة العربية السعودية من السودان، إن كان على مستوى الأحداث الحالية أو السابق، ولكن بالأمس أعلن مجلس الوزراء السعودي تضامنه مع السودان، ويقال إن المملكة منحت السودان حاليا أو سابقا مبلغا يقدر بثمانية مليارات دولار، فالعلاقات السعودية السودانية ثابته ومتطورة، وللسعوديين محبة خاصة للسودان وأهله، لكن المشكلة أن تلك العلاقات يحاول أهل الغرض النيل منها وإن هناك مشاكل وإن مواقف المملكة ضبابية والمملكة لا تدعم السودان بينما تدعم دول أخرى، فالمملكة العربية السعودية بها عدد كبير من الجالية تحملهم على أكف الراحة، ولم يتعرضوا في يوم من الأيام إلى الإساءة بل معظم بيوت الأمراء والملوك من السودانيين، فهم يحفظون المال والعِرض، وحينما وقعت الحرب بين الكويت والعراق لم يتم استبعاد السودانيين من القصور الملكية ولم يتم طردهم كما طردت جاليات أخرى، فالأمراء والملوك يقدرون الشعب السوداني أيما تقدير حتى تلاميذ المدارس لهم مواقف تنم عن عظمة هذا الشعب، واذكر أن اثنين من الطلاب السعوديين جاءوا إلى السودان قبل عامين تقريبا كانوا يبحثون عن أحد أساتذتهم الذي ساهم في تعليمهم في فترة سابقة، واليوم هم من رجال المال والأعمال، فقالوا لولا هذا المعلم لما كانوا وصلوا إلى المركز الذي هم عليه الآن.. قال أحدهم لي لقد أضنانا التعب بالبحث عنه حتى وصلنا إلى مقره بولاية جنوب كردفان، إن العلاقات السودانية السعودية لم تبدأ من القمة ولكنها القاعدة هي التي متنت تلك العلاقات حتى وصلت إلى تلك المرحلة.
إن الدعم المعنوي أو المادي الذي تقدمه المملكة إلى السودان يدخل في إطار الإخوة بين البلدين ولم تبدأ العلاقات اليوم أو أمس بل هي ضاربة في الأعماق وكل من أراد أن يشكك بينهم تكون محاولته الاصطياد في المياه العكرة، فالسودان الآن يقف مدافعا عن أرض الحرمين بدون أي مقابل، ولم يكن موقف السودان منحازا إلى أي طرف من الأطراف في المشكلة التي وقعت بين المملكة ودولة قطر، بل كان دور الأب الراعي إلى مصالح الأمة فلم ينحاز إلى طرف ضد الطرف الآخر، ولم يطلب أي مقابل ليكون مع هذا أو ذاك.. فقد حكم عقله وضميره ومصلحة الأمة، فطوال تاريخه لم يجعل مصلحته الشخصية فوق المصالح العامة ولم يجعل مواقفه مادية، ومن هنا وجد الاحترام من الجميع، وحتى لو أصاب العلاقات الفتور ولكنها تعود أقوى بعد أن يكتشف الآخرون معدنه وأصله وموقفه، فالموقف الذي اتخذته المملكة الآن ودعمها للسودان ينم عن عظمة ملكها وولي عهدها ووزرائها وكل قيادتها، فالملك “فيصل” الذي جرى الصُلح بينه والرئيس “عبد الناصر” بالسودان بعد النكسة يؤكد أن السودان هو البيت الذي ترتاح فيه العرب.
..في إطار زيارة السيد رئيس الجمهورية إلى كادقلي أمس الأول وافتتاحه إلى كلية الطب بجامعة الدلنج، يؤكد على استقرار الدراسة بالجامعات السودانية الولائية رغم الاحتجاجات التي أصابت معظم الولايات، ويؤكد أن البروف “عثمان عبد الجبار” مدير تلك الجامعة، قد اسهم في استقرارها وإلا لما تم افتتاح كلية بهذا المستوى وفي هذا الظرف، ونعلم تماما ماذا تمثل كادقلي الفترة الماضية للذين يحاولون أن يشعلوا الفتنة والذين يريدون أن تكون جنوب ثاني أن البروف “عثمان” وكثير من مديري الجامعات الولائية يحتاجون إلى وقفة إلى جانبهم حتى تكون الجامعات الولائية هي الرئة التي يتنفس منها التعليم بالولايات وجامعة الدلنج نموذج طيب للجامعات الولائية فبعد الطب تحتاج إلى الموارد التي تحاول أن تنهض بها كل الكليات.