قلنا في بداية هذه الاحتجاجات وكررنا القول والمناشده للعقلاء في هذا البلد، أن يتدخلوا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وما يمكن إنقاذه الذي كنا نعنيه وإن لم نصرح به وقتها، ألا نصل المرحلة التي نفقد فيها أرواحاً غالية هي عندنا أغلى من كنوز الدنيا وما فيها، ولأننا كنا ننظر إلى بعيد وكنا نخشى أن ندخل مرحلة الحلقة الأولى من مسلسل سلسال الدم، وحدث ما كنا نخشاه أن يقتل السوداني سودانياً، وهي مرحلة ما كنا نتمناها تحت أي مبرر أو أي سبب، أما وأن وصل الأمر الآن إلى هذه المرحلة، فلا بد أن نقول إنه على الحكومة أن تسلم أن هناك حالة رفض شعبي عارم تجاهها، ومن كانوا يعارضونها بسبب الأزمات الاقتصادية المتعاقبة، منحتهم أسباباً أخرى لمعارضتها ورفضها بسبب القمع الهستيري الذي واجهت به جموع الشباب العزل، ولا أظن أن القيادة السياسية مغيبة أو غائبة عن ما يحدث، ولن يصدق أحد ادعاء أن التقارير التي ترفع إليها مضللة وغير شفافة، والوسائط تنقل صباح مساء حقيقة الوضع بوضوح كامل، وكما هو على أرض الواقع تماماً، ولا أظن أن القيادة السياسية وعلى قمتها الأخ الرئيس نفسه الذي وعن دون رؤساء العالم لم يكن منعزلاً عن شعبه ولم تفصله يوماً عنه حراسة، وهو من ظل موجوداً في الأفراح والأتراح، المساجد والكنائس محروساً بإرادة شعبه المسالم الذي لا يعرف الغدر ولا الخيانة ولا العنف، وهذا لم يكن سببه لأن الحكومة متفق عليها أو أنه ليس لديها من يعارضها، ولكن لأن أهل السودان لا يعرفون العنف ولم يجعلوه فيصلاً في خصوماتهم على مر تاريخ حراكهم السياسي، ولا أظن أن القيادة السياسية غير مدركة لخطورة ما وصلنا إليه، وفي أبسط توصيف له أن السلطة الآن محروسة بالقوة الجبرية، وهو مشهد لم يتعوده الشارع السوداني الطيب أن تحيط به عربات التاتشر المدرعة والعربات المجنزرة، وهي ليست مجهزة لعدو غاشم أو خائن رعديد، لكنها موجهة لصدور أبناء الشعب العزل، مما يجعلنا أناصح الحكومة للمرة الكم لا أدري، أن حكموا صوت العقل وألا تأخذكم العزة بالنفس والتباهي بالقوة لتواجهوا هذه الاحتجاجات بالعنف والقمع فتزداد الهوة بينكم والناس، وتتحول بحور المودة إلى بحور دم، ومواثيق الوفاء إلى ثأرات وضغائن، نحتاج الآن أن نجد مخرجاً، وهو مسؤولية السلطة مهما كان حجم التنازلات التي ستبذلها، ومهما ارتفع سقف دفعها لتمن فاتورة النَفق الذي دخلنا إليه، لكن قبل المخرج نحتاج أن نوقف نزيف الدم، نحتاج أن نجنب بلادنا الانزلاق إلى مثلث الرعب الذي لن ينفع بعده الندم، اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.
}كلمة عزيزة
للمرة التانية يعد رئيس الوزراء “معتز موسى” بحل مشكلة السيولة وبسعي حكومته للخروج من الأزمة الاقتصادية، وهو ما تضحده الوقائع، إذ أن الفاتورة الأمنية الباهظة التي تدفع لمواجهة الاحتجاجات، تعرقل أي انفراج اقتصادي قريب، ولا أظن أن شعباً تحرسه العربات المدرعة له القابلية على العمل والإنتاج، بالله عليكم أرجعوا البنادق والعسكر إلى ثكناتهم أو ادخروها لعدو يترصدنا جميعاً.
}كلمة أعز
اللهم أحمِ بلادنا من الفتن واجمع أهلها على كلمة سواء.