لما بدأت ثورة التعليم العالي في تسعينيات القرن الماضي لم يصدق أحد أن ولاية من ولايات السودان الطرفية، تستطيع أن يكون التعليم له شأناً فيها خاصة الجامعي إذ إن التجربة قليلة ولكن الطموح أكبر، فجامعة الدلنج كانت إحدى الجامعات الطموحة فاستطاعت أن تقبل التحدي شأنها وشأن كثير من ولايات السودان التي بدأت تجربتها التعليمية لنيل درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وبهمة طاقمه التعليمي من مدير الجامعة الصابر والمثابر وأساتذتها الكرام خاضوا التجربة ونجحوا فيها حتى استوت ونضجت تماماً بتخريجها لعدد من الدفعات، وهي آمنة ومستقرة بعيدة عن الإضرابات الطلابية ولا المظاهر الخادعة، وهاهو مجلس جامعتها في دورة الانعقاد الرابعة يعقد دورته الرابعة تحت شعار يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس، ويقدم تقريره الأكاديمي والإداري والمالي، أمام مساعد رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الجامعة، الدكتور “فيصل حسن إبراهيم”، لقد حوى التقرير ما اتخذته الجامعة من إجراءات وسياسات وترقية للأداء المالي وحوسبة العمل المالي وضبط الصرف وترشيده وتحديد الأولويات والرقابة الداخلية والمحاسبية والإدارية وقوانين الشراء، وتعد هذه من المشاكل التي تعترض أي جهة سواء كانت جامعة أو مؤسسة أو شركة، فالمال فتنة فإن لم يتم ضبطه باللوائح والقوانين، سيجعل حفظته من المفسدين، ولذلك استطاعت الجامعة أن تضبط العمل المالي والإداري عبر الحوسبة التي تجعل كل شيء يسير كميزان الماء أو كما يقول أهلنا المصريين (لا يخر مية)، إن الجامعة يمثل العمل الأكاديمي فيها المضغة الحية في الجسد، لذا لابد أن يكون متطوراً ومواكباً لما يجري من حولنا، فالجامعة وضعت رؤيتها لتكون رائدة ومتميزة في مجالات التدريس والبحث العلمي والتدريب وتطوير المجتمع وتكون رسالتها تحقيق الجودة والتميز في التدريس، فالجامعة قومية السياسات والقبول وبها عشر كليات تشمل التربية والزراعة والطب والعلوم وتنمية المجتمع والمعلمين وغيرها من الكليات التي تحتاج إليها الدولة والطلاب، والجامعة منذ الإنشاء في العام 1994 ظلت تقدم رسالتها العلمية وتخرج جيلاً من بعد جيل ترفل بهم المجتمع وتسد النقص في احتياجاته، ويبلغ عدد الطلاب البنين والبنات أكثر من أحد عشر ألفاً من الجنسين، ولم تكن الجامعة قاصرة على طلبة البكالوريوس بل تمددت لتشمل الدراسة طلاب الدبلوم العالي والماجستير والدكتوراه في معظم التخصصات، كما ساهمت إدارة الجامعة بتحسين البيئة التعليمية للطلاب والأساتذة وهيأت لهم السكن المناسب حتى يخرجون إلى المجتمع وهم أكثر خبرة ومعرفة واعتمادا على الذات، إن الجامعات الولائية ينبغي أن تكون أسوة بجامعة الدلنج التي خلت من العنصرية البغيضة والتحالفات والصراعات التي نراها في كثير من جامعاتنا، إن السياسة التي وضعها البروفيسور “إبراهيم أحمد عمر” كرائد لتلك السياسة ولتلك الجامعات التي فاق عددها الآلاف بعد أن كانت لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، إن التقرير حوى الكثير من أعمال تلك الجامعة بكل ضروبها من طلاب وهيئة تدريس ومساعدين وخريجين في التخصصات المختلفة إضافة إلى الدرجات العلمية الماجستير والدكتوراه التي حصل عليها الخريجون، وتمدد عملها إلى الاتفاقيات العلمية مع الجامعات العالمية مثل مصر وتركيا ونيجيريا وجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا وغيرها من الجامعات التي تم الاتفاق معها لزيادة المعرفة العلمية، ولم يغفل التقرير المشروعات المستقبلية أن كانت على مستوى التدريس أو المشروعات التي تعود بالفائدة للجامعة وطلابها وأساتذتها، لقد وجد التقرير الاستحسان من القائمين على الأمر لما حواه من موضوعات شتى في المجالات المتعلقة بالجامعة.