أمس الأول طالعت خبراً راج بمواقع التواصل الاجتماعي مفاده مقتل سيدة بواسطة ابنتها، وحمل متنه أن ثمة نقاش دار بين الاثنتين عندما عنفت الأم ابنتها البالغة من العمر أربعة عشر ربيعاً حول السهر مطولاً مع جهاز الموبايل ثم وبعد أن خلدت الأم للنوم واستغرقت فيه باغتتها الابنة بطعنة واحدة نجلاء كانت كفيلة بموتها، ولم تفلح محاولات الأب الذي استيقظ على صوت زوجته واستغاثتها في إسعافها ، لأنها أسلمت الروح قبيل ذلك.
للوهلة التي طالعت فيها الخبر الصادم ،نادر الحدوث، تنامي إلى بأن هذه الابنة (قطع شك خارشة) أو أن محدثها على الهاتف ممن تسهر معه أو معهم أوحى لها بذلك ، تركت كل شيء وانصب تفكيري في تحليل هذه الحادثة المنافية للفطرة البشرية، أيعقل أن يقدم أي ابن سوي على قتل أمه؟! فالأم دون العالمين كيان مقدس لا ينبغي خدشه ولو بكلمة جارحة خرجت حين غفلة من رقيب الضمير والعقل. لكن وقبيل أن أفيق من تحليلاتي هذي والتي دلقت بعضها في مكان الخبر جاء ما يعزز تلكم الفرضيات لكنه مغاير إلى حد وقيل في الملحق اكتشفت مؤخراً أنها لقيطة ما أثر في نفسيتها. وبالرغم أن ذلك ليس بمسوغ للقتل وأي مقتول فهي التي كانت وقبيل أن تعرف ولمدة أربعة عشر عاما بمثابة والدة لا أعتقد أنها قد انتقصت من أمومتها تجاهها بأي حال حتى وإن وبختها فبدعوى الأمومة حتى وإن كانت تبنياً. لكنا نعود ونرجع الأمر للصدمة التي تلقتها في أعز ما يجب أن تملك_ الهوية والنسب_ وهو الأمر الذي لزم شرحه وتوضيحه باكراً تجنباً لمثل هذه الصدمات التي يمكن أن تترجم بأي صورة. وهو ما قال به استشاري الطب النفسي والعصبي بروف (علي بلدو) ذات إفادة بالخصوص إنه وفي حال التعامل مع هؤلاء بطريقة مشوهة وإخبار أحدهم بأنه ابن غير شرعي يؤدي ذلك إلى حدوث صدمة نفسية كبيرة قد تفضي إلى الاكتئاب الحاد والذي يقود إلى الانتحار أو الرغبة في الانتقام والتشفي أو الهروب من المنزل والولوج إلى عالم المخدرات والانغماس في الجريمة والحزن والاضطراب النفسي والذهني وخلافه ما لتراكمات وعقد ويدفع باختلال معايير الصحة النفسية والاجتماعية لذا فأي تعامل غير إنساني وغير علمي يدفع به إلى التهلكة. إذن فالجانية هذه مجني عليها أيضا بعدد من الحيثيات.
وعليه وحيث أن حالات تبني الأطفال فاقدي السند في زيادة مطردة تبعاً لحالات العقم وندرة الولادة التي شاعت في الآونة الأخيرة ولها أسبابها العلمية أيضاً فمن باب أولى أخذ كافة الاحتياطات والتدابير لعملية التبني المعقدة والتي يجب أن تتم بالصورة المثلى والقانونية ويجب أن تراعى فيها كافة الجوانب والتداعيات النفسية المفترض استصحابها حتى يشب المتبني عن الطوق ولابد من تنشئته في بيئة معافاة وتجنيبه كل ما من شأنه تدمير حياته المرهونة بالمجتمع من حوله.
لا أدري ما الذي أصاب المجتمع الحالي ففي المجتمعات القديمة التي لم يتوفر لها الوعي الحالي كان يتربى ويخرج مثل هؤلاء للدنيا بكامل عافيتهم ويكملون حياتهم كغيرهم من الأبناء الشرعيين، لكني أظن أنها البصيرة والحكمة، فضلاً عن الفوضى التي ضربت عملية التبني من بعض ذوي النفوس الضعيفة. حفظهم الله جميعاً ويسر أمرهم.