ولنا رأي

هل ستنقذ الامتحانات دبلوماسيي الخارجية؟!

أعتقد أن الامتحانات التي قررتها وزارة الخارجية على الدبلوماسيين والإداريين ومعظم منسوبيها تؤكد أن الخارجية قد أدخلت إلى السلك الدبلوماسي موظفين غير مؤهلين حسب المفهوم القديم، الذي كان ينص على إجراء الامتحانات التحريرية والشفهية لكل من تقدم للالتحاق بالسلك الدبلوماسي، فكل منسوبي وزارة الخارجية ما قبل 1989م مروا بتلك الامتحانات، وأذكر في عام 1984م عندما قدمنا للالتحاق بالخارجية وقتها كان الامتحان المقرر للمتقدمين بلا استثناء وكل من دخل الامتحان ولم يوفق بالتأكيد لا مقعد له في وزارة الخارجية، ورغم أن الامتحان كان أساساً إلا أن هناك بعض التجاوزات إن صحت، بمعنى أن الواسطة كانت تلعب دوراً كبيراً في ذلك حتى ولو دخل الشخص الامتحان، ففي نفس ذلك العام أذكر أن الزميل “حامد أبكر” كان قد حصل على المركز الأول في الامتحان التحريري ورفض دخول الامتحان الشفهي وكانت حجته أنه ليست لديه واسطة، فإذا دخلت المعاينة النهائية ولم يوصَ عليك بالتأكيد ستفقد فرصتك.. قد يكون قول الأخ “حامد” صحيحاً، وربما يكون خطأ ولكن شاءت الأقدار ألا يدخل بالسلك الدبلوماسي، ليس لعلة أو ضعف وإنما خوف من عدم وجود الواسطة.. والأخ “حامد” خريج جامعة أم درمان الإسلامية قسم الصحافة والإعلام، وخريج جامعة الخرطوم كلية الآداب تخصص لغة انجليزية وهذا يعني أنه مؤهل، ولكن ربما هناك بعض الأسباب الأخرى قد تمنعه من ولوج عالم الدبلوماسية والحجج كثيرة، فدخل الأخ “حامد” عالم الصحافة والتحق بوكالة السودان للأنباء وبرز فيها كمحرر مجيد، ومن ثم اختارته السفارة القطرية بالخرطوم ليكون مسؤول العلاقات العامة والإعلام فيها، وانفتح له باب الرزق في مجال غير مجال الدبلوماسية، والآن هو من الصحفيين المميزين بجريدة (الراية) القطرية وبوزارة الخارجية القطرية.. أردت من كل ذلك أن أقول إن الواسطة أحياناً تفسد الشخص إن كان غير مؤهل لعمل يتطلب أن يكون الشخص فيه مميزاً مثل وزارة الخارجية، وقد فطنت وزارة الخارجية أخيراً لهذا بعد أن كان الالتحاق بالخارجية من قبل بالواسطة أو عن طريق الحزب.. وحتى ولو كان الحزب يريد أن يلحق بوزارة الخارجية دبلوماسياً كان من المفترض أن يقوم بتأهيلهم تأهيلاً يليق بمكانة الخارجية التي تتطلب من الشخص الذي ينتمي إليها أن يكون ملماً إلماماً كاملاً باللغات: الإنجليزية والفرنسية والعربية، وليس من الصعب إجراء كورسات تأهيلية لخريجي كلية الآداب الذين يراد إلحاقهم بالخارجية.. وبعد كل تلك السنوات تأتي الوزارة لإجراء امتحانات للوزراء المفوضين الذين قاربوا سن المعاش والإداريين كذلك.
السيد الوزير إن أراد إجراء تقييم لمنسوبيه كان ينبغي أن يجريه على السكرتيرين الأوائل حتى يكون تأهيلهم سهلاً، بدلاً عن إجراء امتحانات لموظفين مارسوا المهنة داخلياً وخارجياً ومثلوا الدولة في محافل خارجية، فهب أن الوزراء المفوضين رسبوا، أو اكتشفت الوزارة عدم معرفتهم باللغات طوال تلك السنين فمن المسؤول عن ذلك الخطأ؟ الدبلوماسي أم الوزارة؟ وهل سيظل الدبلوماسي الراسب في محطته أم ستفصله الوزارة؟؟.. ينبغي لوزارة الخارجية أن تقيم كورسات تأهيلية لمنسوبيها في اللغات وفن التخاطب والتعامل مع الآخرين، بدلاً عن تلك الامتحانات التي اعتقد أنها ستكون بلا فائدة ولا ثمرة يجنيها هذا الإداري أو الدبلوماسي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية