ولنا رأي

لا للتخريب

ربط كثير من المتظاهرين، أو الذين يخرجون في احتجاجات صاخبة ضد الدولة بسبب معاناتهم، ربطوها بالتخريب وتحطيم سيارات الحكومة أو دورها أو ممتلكات الغير، فهذا الأسلوب لا يمت بصلة للاحتجاجات التي يقومون بها، فالتعبير بالتظاهر حق مكفول لأي شخص، ولكن أن تكون تلك الاحتجاجات محاولة لنهب وسرقة الممتلكات، فهذا يعد خروجاً عن مبدأ الخروج. فالمظاهرات التي اندلعت في كثير من المدن حق مشروع، فينبغي أن تكون تلك المسيرات حضارية يعبر فيها الأشخاص عن غضبهم ضد الدولة التي لم تستجب إلى حقوقهم بالطريقة السلمية، فالمظاهرات دائماً يبدأها الغلابة والمكتوون بالنار، ولكن هناك مستفيدين منها بالسرقة وتحطيم الممتلكات كما حدث في دنقلا أو عطبرة أو حتى الخرطوم أو القضارف، فكثير من اللصوص هم الذين يفسدون الأسلوب الحضاري الذي يقوم به المتظاهرون، وإذا عدنا إلى الوراء قريباً إبان وفاة الدكتور “جون قرنق” حينما تحطمت طائرته خرج الأخوة الجنوبيون بالخرطوم فأحدثوا فيها دماراً وخراباً بل نهبوا أموال الآخرين وحرقوا المحال التجارية ونهبوا كل شيء بل عملوا على قتل الأبرياء من أبناء الشعب السوداني، لقد استغل اللصوص تلك الأحداث فروعوا المواطنين وأخذوا كل شيء ولم يكن خروجهم تعبيراً عن وفاة زعيمهم بل كانت محاولة للنهب والسرقة، فالشعب السوداني معلم الشعوب كيف يكون التغيير دون إراقة الدماء، ولكن المنتفعين أو أصحاب المصلحة هم الذين يحولون مسارها إلى الأسوأ كما حدث الأيام الماضية بالتخريب الذي حدث في أجهزة الدولة، فالتخريب لتلك الممتلكات لا يؤثر عليها وإنما يؤثر على المواطن الذي قام بتخريب ممتلكاته بيده أو بيد أصحاب المصلحة، نحن ندين أي محاولة للتخريب إن كان التخريب لممتلكات الدولة أو الأشخاص، فالأسلوب الحضاري في مثل هذه المظاهرات ينبغي أن يسود بدلاً من تلك الفوضى العارمة، لأن الخاسر هو الوطن والمواطن، وحتى نتجنب هذه الحالة من الاحتقان يجب أن تنتبه الحكومة للذي يجري، ويجب أن تتحرك بأعجل ما يمكن لحل المشكلة الاقتصادية، وهذه المشكلة يمكن أن يتم احتواؤها والعمل على امتصاصها بأي شكل من الأشكال، ويجب أن يخرج السيد الرئيس أو النائب الأول ليخاطب الجماهير، والعمل على امتصاص غضبه، لأننا نعلم تماماً أن الشعب الذي صبر طوال تلك الفترة يمكنه أن يصبر تاني وتالت، إذا لاح في الأفق الحل ، فلا نريد أن يكون المواطن السوداني لاجئاً في يوغندا أو جنوب السودان أو في مصر، وحتى تلك الدول لا تتقبلنا، لذا يجب أن تجلس كل الأطراف للوصول إلى حل يعيد الأمور إلى وضعها الطبيعي الذي يجعلنا نعيش كرماء أعزاء في وطننا ، وقد شهدنا كيف يعيش أبناء سوريا وغيرهم من أبناء الوطن العربي الذين خربوا بلادهم بأيديهم، فالفرصة مازالت مواتية لمعالجة الأمور، ونحن نعلم أن الأحزاب الكبيرة التي تريد التغيير بالطرق الحضارية وليس بطريقة البلطجية أو بطريقة أصحاب الأجندات الخارجية، فلتعلم الحكومة أن الشعب متسامح ولا يريد إلا أبسط مقوماته وهي ليست مستحيلة لذا عليها أن تتحرك بسرعة للحل.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية