ربع مقال

نعم للتظاهرات ..لا للتخريب!!

د. خالد حسن لقمان

.. لا شيء يمكن أن يمنع الناس من التعبير عن أنفسهم وموقفهم من ما يجري أمامهم وعليهم وعلى حياتهم ومعيشتهم طالما أن هنالك دستور دولة يقر بذلك ويعترف به على وجه صريح لا لَبْس فيه ولا غموض، وطالما أن هنالك قانوناً يحمي هذا الفعل و يجوزه ويضعه ضمن الأفعال المشروعة للمواطنين بكافة ألوان طيفهم وجميع أعراقهم وألوانهم وثقافاتهم ومرجعياتهم العقدية والفكرية والثقافية وأيضاً مواقفهم السياسية بخياراتها المتلبسة بروح الحرية والاستقلال في المواقف والأفكار، وهذا كله أمر أضحى وعبر المراحل التاريخية المتتابعة لهذا البلد من بديهيات المواطنة كما وحق العيش فيه والتمتع بكامل الحقوق من مأوي وتعليم وصحة وغيرها من حقوق المواطنة، فهذا البلد الذي يحتفي بعد ساعات قليلة بذكرى استقلاله المجيدة كان رائداً في منطقته العربية والأفريقية بل وفي الرقعة البشرية كافة في تحقيق ممارسة سياسية معافاة و ناضجة مُذ أن انعتق مبكراً وقبل غيره بأرضه وشعبه من ربقة الاستعمار البغيض .. أبعد هذا التاريخ كله و هذه الريادة كلها يحدث لنا الآن وبعد مضي أكثر من ستين عاماً مثل ما شهدته العديد من المدن في الشمال و الوسط وحتى العاصمة الخرطوم .. ؟؟ .. لماذا ..؟؟!! .. كيف لا تحتمل الحكومة بأجهزتها شعبها عندما يريد التعبير عن ما وصل إليه من رهق معيشي قاهر ومذل .. من المسؤول عن تقصير من مارس خلال اليومين الماضيين انفلاتاً من ضمن هذه الأجهزة الحكومية مما أدى إلى ما حدث من إزهاق للأرواح و تدمير للممتلكات وبالمقابل ألا زلنا وبعد كل تجاربنا الرائدة تلك نفشل في تنظيم تظاهرات سلمية محترمة كما وتفعل الآن حتى صغريات الدول الأفريقية والآسيوية واللاتينية الفقيرة .. أين قياداتنا السياسية والنقابية .. أين أحزابنا هذه التي ظلت تملأ فضاءنا السياسي بالصراخ مدعية أنها تمثل المعارضة الرشيدة .. أين قادة هذه الأحزاب ( الرشيدة ) ..؟؟ .. لماذا لم يتقدموا كقادة عضويتهم وجماهيرهم لتنظيم تظاهرات سلمية لها أهداف حقيقية تنفذ وتحقق في نهاية المطاف من أجل هذا الشعب الصابر عليهم جميعاً سنوات وسنوات .. لماذا يهرب هؤلاء عندما تنزل جماهيرهم إلى الشوارع ..؟؟ .. كان سيفرق كثيراً لو رأى هؤلاء المتظاهرون قياداتهم بينهم يقودونهم بحكمة وشجاعة .. لو حدث هذا لما استطاع البعض أن يندس ويقوم بما ينوي من تخريب وتدمير يفرغ هذه التظاهرات من معناها بل ويعطي مبرر التصدي لها لحماية البلاد وأمنها ومنشآتها الحيوية .. وعلى كل وقد بلغ الأمر ما بلغه الآن من انفجار فإن ما يجب أن يفهمه الجميع الآن حكومة ومعارضة وغيرهم من أبناء وطننا الشرفاء أن هذا البلد قد بات في حالة يرثى لها، فإما فعل جمعي رشيد يتم وينفذ بحكمة تتدارك بها الأخطاء و ينقذ بنتيجته الوطن من مآلات الفوضى والنزاعات الداخلية وإلا فلينتظر الجميع أسوأ السيناريوهات التي نسأل الله أن يجنبها بلادنا العزيزة وأهلنا الكرام.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية