حذر عدد كبير ممن يقرأون المستقبل من آلية صناع السوق، التي ضمت عدداً من تجار العُملة، واعتبر الآلية سوف تعمل لمصالحها ولن تستطيع أن تحل مشكلة الدولار، وبالفعل لقد فشلت الآلية وتصاعد الدولار إلى أرقام لا يتوقعها أحد خلال عشر سنوات ناهيك عن شهور محدودة.
إن آلية صناع السوق، لم تدرس الواقع ولم تعرف كيف يفكر تجار سوق العُملة.. وكيف يرفعون الأسعار، وكيف يخفضونها، فالحال الآن يغني عن السؤال، ولن تستطيع الآلية إذا بقيت يوماً واحداً أن تعيد الأسعار لما كانت عليه، فالأستاذ “معتز موسى” وزير المالية، أخذ مقلباً كبيراً في هذه الآلية التي لم تعينه ولم تفكر بما يفكر تجار العُملة، لذا أما أن تحل تلك الآلية ويفكر السيد وزير المالية، في طريقة أخرى للخروج من هذا النفق الذي أدخل فيه، الوضع الراهن لا يتوقع أحد أن يسير بهذه الطريقة، ما لم تكن للدولة بدائل أخرى، فالدولة في حيرى من أمرها، ولا ندري أين أصدقاء الدولة من الدول الصديقة، وأين دول الخليج لماذا ينتظرون انهيار الدولة؟ لماذا لا يقدمون لها المساعدات والحلول التي تخرجها من هذه الأزمة المستفحلة، بالتأكيد هناك خيط خفي لا يعلمه كل الناس، ومن باب أولى أن يتحدث رئيس الوزراء، عما يجري الآن وهل المشكلة داخلية أم خارجية؟ ولماذا هذا الانهيار في سوق العُملة؟ ولماذا هذا الصمت من جانب الحكومة؟ أم أن الأمر لا يعنيها أم عجزت عن وجود الحلول، فالناظر إلى أزمة البترول وما نسمعه من وكيل وزارة الطاقة والتعدين، نقول إن الطلمبات فاضية من الكلام المعسول، وإن الوزارة زادت الكميات بأكثر من احتياجات الطلمبات، ولكن حينما نذهب إلى محطات الخدمة نخاف من هذه الصفوف المتراصة من الصباح وحتى المساء، والمحظوظ من وصل المسدس وأخذ حصته، أما مشكلة النقود فهذه محيرة جدا لقد تحدث محافظ بنك السودان، الدكتور “محمد خير الزبير” والذي استبشرنا به خيراً باعتباره أحد العلماء في مجاله، وجاء بروح متفائلة وأعطانا أملاً في حل مشكلة السيولة في أيام معدودة، وتمت طباعة ملايين من النقود بالخارج وجاءت تحملها العربات الكبيرة، ولكنها في لحظات اختفت وكأنها فص ملح وداب، لم نتوقع أن تستمر أزمة السيولة إلى هذا الوقت، ولم يتوقع أحد أن تأخذ الدولة قروش الناس وتدفعها لهم بالقطارة، وهذه الطريقة هي التي أفقدت الثقة بين الطرفين، المواطنون المودعون لأموالهم مع البنوك التي لم تلتزم بالسداد، هناك حديث عن تحرير الدقيق والبترول، فإن كان الحل في التحرير فلتحرره الدولة، حتى ننتهي من هذا الفيلم أو المسلسل المتواصل مع كل أزمة، فإن حررت الدولة الدقيق أو لم تحرره فالأسعار الآن في السماء.. فكيس الدقيق ارتفع من خمسة وعشرين جنيها إلى أربعين، فقس على ذلك كل المنتجات التي تصنع من الدقيق تضاعف سعرها مية المية، أما بقية السلع الأخرى السكر زاد بنسبة كبيرة جدا والشاي والصابون والعدس والأرز، وكل طعام يستهلكه المواطن زاد بنسبة كبيرة جدا، وهذه الزيادة لا مبرر لها لأن البضائع في الرفوف فضاعف التجار من أسعارها في ظل غياب الدولة والقانون، فالتجار طالما الدولة لم تسألهم والمواطن الغلبان محتاج إلى الشراء ليأكل فلا يهمه أن أكل المواطن أو لم يأكل، فثقافة المقاطعة معدومة عندنا، ولذلك من حق التجار أن يفعلوا ما يفعلوا بنا طالما ارتضينا ذلك، وطالما الدولة لم تتدخل ولم تسأل.