لماذا الهجوم على وزير المالية؟
واجه وزير المالية السيد “علي محمود” انتقاد شديداً من بعض الوزراء والولاة وكل المسئولين الذين يعتقدون أن السيد وزير المالية يقف حجر عثرة في عدم مدهم بالمال الذي يسير دولاب العمل بالمؤسسة أو الولاية المعنية. وقد شهدنا المعركة التي دارت الفترة الماضية بين السيد الوزير ووالي ولاية جنوب دارفور السابق الدكتور “عبد الحميد موسى كاشا” الذي ظن أن السيد الوزير يقف ضده ولم يلتزم بدفع إيرادات الولاية، والمعركة لم تقف عند الدكتور “كاشا” بل امتدت لعدد من الوزارات، كما نشبت معركة ثانية بين السيد الوزير والبروفيسور “إبراهيم غندور” رئيس اتحاد نقابات عمال السودان أيضاً فيما يتعلق بالمال المخصص للاتحاد، ولم تهدأ معركة المسئولين والوزراء مع السيد الوزير بل برزت على السطح معركة أخرى بين وزير المالية ووزيرة الرعاية الاجتماعية “أميرة الفاضل” فيما يتعلق بوقف تمويل عدد من برامج وزارة الرعاية الاجتماعية من بينها توفير دعم شهري لمائة ألف أسرة بواقع مائة جنيه لكل أسرة لمدة عشرة أشهر، وعدم زيادة الموازنة للمبلغ المخصص لبرنامج إدخال الأسر تحت مظلة التأمين الصحي.
إن السيد وزير المالية لم تكن لديه خزينة خاصة يعطي منها هذا الوزير أو الوزيرة أو الوالي ويحرم منها أولئك.. إن السيد الوزير يقوم بتنفيذ سياسات دولة، والوزراء والولاة يعلمون ذلك، ويعلمون أن السيد الوزير ليس بينه وبينهم (أطيان) أو ورثة حتى يرضي هذا ويزعل هذا، فما يقوم به هو من واجبات الوظيفة التي تحتم عليه التعامل مع الجميع بمستوى واحد، ما في خيار أو فقوس. فالمال مال الدولة، وهو يقوم بتوزيعه وفق الضرورات والأولويات.. ولذلك يعتقد السادة الوزراء والمسئولون أن وزير المالية مستهدف الوزارة الفلانية أو الولاية العلانية، ولو حاول وزير المالية أن يجامل الوزراء أو الولاة أو المسئولين لما استطاع أن ينفذ سياسات الدولة التي تتطلب أن يكون وزير المالية من أمثال السيد “علي محمود” ومن قبله السيد “عبد الوهاب عثمان” وزير المالية الأسبق الذي كسر كل الحيل التي حاول الوزراء أن يتحايلوا بها للحصول على المال أو السماح لهم بإعفاءات لإدخال مستلزمات عبر المواني المختلفة.
إن الرجل القوي خاصة عندما يكون مسئولاً عن المال يجد كراهية شديدة ويوصف بالمتعنت أو المتشدد أوالصعب وكل الصفات التي تشوه صورته أمام الجميع.
ربما يقول قائلٌ لماذا ندافع عن السيد الوزير وهو الممسك بمال الدولة ويجب عليه أن يوجه مال الدولة ليصرفه مسئولو الدولة على البرامج الخاصة بوزاراتهم، نحن ليست لنا علاقة بالسيد الوزير، ولكن من واجبات المهنة وما نراه يجب أن نقول كلمة الحق، والسيد الوزير وجد انتقادات من المسئولين والوزراء وحتى الصحفيين بالحق والباطل، ووجهوا سهامهم عليه، ولم يتدخل السيد الوزير بمنعهم من الكتابة أو تكذيب أو توضيح أو طالب صحفي بالمثول أمامه أو رفع دعوى قضائية ضده أو ضد الصحيفة التي ينتمي إليها.. لأن السيد الوزير يعلم أنه رجل عام معرض للانتقاد، خاصة وأنه ممسك بمال الدولة ولو كانت سياسات السيد الوزير خاطئة لواجه أيضاً انتقادات من رئاسة الجمهورية أو من النائب الأول لرئيس الجمهورية أو نائب رئيس الجمهورية، ولكن لأنهم جميعاً يعلمون أن السيد الوزير على حق فلم يتدخلوا لحل أي إشكال وقع بينه وبين الولاة أو الوزراء.