ولنا رأي

جامعة الدلنج!!

صلاح حبيب

حينما بدأت الإنقاذ ثورة التعليم العالي في بداية التسعينات لم يتوقع أحد أن تصل النسبة إلى مئات الجامعات بالسودان بعد أن كانت ثلاثة أو أربع جامعات يتنافس على كراسيها آلاف الطلاب، لقد نجحت سياسة التعليم العالي في إعادة عشرات من الطلاب الذين كانوا يدرسون بالجامعات العالمية حفظاً لأولئك الطلاب من الاستلاب الثقافي وحفظاً للأسر التي كانت تجد مشقة في توفير المصاريف الدراسية لأبنائها، ولذلك حينما ننظر إلى الكم الهائل من الطلاب الذين تخرجوا في الجامعات السودانية نؤكد أن السياسة كانت فعلاً في مصلحة هؤلاء الطلاب الذين كان بالإمكان أن يفقدوا فرص التعليم والالتحاق بالمؤسسات التعليمية بسبب درجة واحدة كانت كفيلة أن تجعلهم اتجهوا إلى سلك التدريس أو موظفين في إحدى وزارات الدولة بالشهادة الثانوية، فسياسة التعليم العالي لم تختصر قيام الجامعات بالمركز بل جعلت في كل ولاية من ولايات السودان جامعة مما ساعد على نهضة الولايات التي أنشئت فيها تلك الجامعات بل خففت الكثير من معاناة الأسر التي يذهب أبناؤها إلى الخرطوم ،وفي الخرطوم يضيع الأبناء وسط الزحام، قبل أيام زارني البروفسور “عثمان عبد الجبار” مدير جامعة الدلنج وهي إحدى الجامعات الولائية التي ساهمت بقدر كبير في استقرار الطلاب بها ، وجامعة الدلنج بها (10) كليات ذات التخصصات المختلفة وسيكون لها شأن كبير شأنها شأن جامعة الخرطوم التي رفدت البلاد بكثير من الخريجين، والبروفسور “عثمان وطاقمه” التعليمي بالدلنج يعملون في ظروف صعبة ولكن اهتمام الوزارة منذ البروفسور “سمية أبو كشوة” وزيرة التعليم العالي السابقة التي أعطت الجامعة جزءاً كبيراً من وقتها ومنحتها الاهتمام اللازم حتى وقفت على رجليها ،وأكمل الدكتور “الصادق الهادي المهدي” ما تبقى من احتياجات تخص الجامعة، ومازالت الدولة تعطيها الكثير من الاهتمام، والدلنج منطقة تحتاج إلى الاستقرار والتنمية لأن الناظر إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها من قبل الحركات المسلحة تتطلب أن يقف الجميع مع هذه الجامعة، وكما قلنا فإن ولايات السودان في حاجة إلى مثل تلك الجامعات التي تؤدي إلى الاستقرار والتنمية، فإنسان جنوب كردفان في حاجة إلى هذه الجامعة التي ترفع من وعيه، فإذا ارتفع الوعي بالتأكيد سيقل رفع البندقية، فالدلنج منطقة ملتهبة من قبل، ولكن وجود هذه الجامعة سيشعل النشاطات المختلفة وستسكت البندقية التي تعد إحدى آلات الدمار والخراب، فنحن في حاجة إلى الأمن والاستقرار والنماء، فالبروفسور “عثمان” ورغم ما اعتراه من مرض، ولكن مازال مواصلاً لمسيرته في تعليم الأجيال ليرفع من شأن أهله ومنطقته، فلابد أن تمتد إليه الأيدي ليكمل ما بدأه من نهضة لهذه المؤسسة التعليمية الرائدة، والدلنج نفسها منطقة ساحرة بالطبيعة والخضرة والشلالات المتدفقة بالمياه والحيوانات والثمار والحبوب المختلفة التي تجود بها المنطقة،فإذا نجحت الدولة في تأسيس مثل هذه الجامعة بمناطق الحروب بالتأكيد سيعمها السلام، فالجهل والتخلف الذي وضعه الاستعمار لابد أن يعمل الأبناء على إزالته، فليس الشمال هو السبب الأساسي كما يتوهم البعض، فالتخلف لم يكن بسبب الحكومات السابقة أو الحكومات التي هضمت حقوق تلك المنطق فالآن أبناء دارفور وكردفان نجدهم مشاركين في الحكم منذ ثلاثين عاماً، فلابد أن يعملوا على نهضة مناطقهم والعمل على دعم التعليم وإشراك الأبناء في سن الدراسة بدلاً عن تركهم يمارسون المهن الهامشية، هذه ليست مشكلة الحكومات وإنما مشكلة الأبناء الذين يدخلون السلطة وينسون أبناءهم، فجامعة الدلنج مثال حي للنهضة ولجيل جديد يعمل على البناء والاستقرار، وكذا الحال في بقية الجامعات الولائية التي يجب أن تلعب دوراً مهماً في تعليم الأجيال القادمة، والاستثمار الآن في الأبناء فاهتموا بأبنائكم من أجل مستقبل مشرق.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية