في عز الأزمات والصدمات والإحباطات التي تحيط بنا إحاطة السوار بالمعصم، تأبى بعض النوافذ إلا أن تنفتح على مصراعيها كالنافذة التي فتحها السيد “وجدي ميرغني” رجل الأعمال المعروف وهو يعلن عن انطلاقة قناة متخصصة في الترويج للسياحة والتاريخ والآثار السودانية، إضافة إلى الاهتمام بالبرامج التثقيفية، حيث أوضح دكتور “وجدي” أن القناة الجديدة ستهتم بالترويج لقطاع السياحة التاريخية والآثارية للتعريف بمكونات السودان البيئية والطبيعية وإمكاناته العظيمة، إضافة للتعريف بالحضارات السودانية العريقة.
وخلوني أقول إن السيد “وجدي ميرغني” الذي يصول ويجول في مجال الاستثمار الزراعي منحاز لتراب هذا البلد وإنسانه، ومصر أن لا يقلع قدميه عن الطين الأسمر، باعتبار أن الزراعة هي مخرجنا الرئيسي من كل ما نعانيه من أزمات، خلوني أقول إنه بهذا التوجه الوطني الكبير يؤكد أنه ليس كل رجال المال أنانيون يلعبون في المضمون ولا يخرجون أموالهم إلا إن كانوا متأكدين أنها ستعود مضاعفة، وليس مهماً في شنو ولي شنو، المهم ترجع بلا خسائر ولا نقصان، لذلك شهدنا كثيرين لا يستثمرون إلا في الفارغة الما بتودي البلد لقدام، لأنها استثمارات رخوة محدودة الفائدة، صحيح تشبع نهم خزائنهم لكنها لا تغذي أو تقوي قلب اقتصادنا الضعيف المتهالك، لذلك فإن دخول “وجدي” في مثل هذه المساحة من العمل الإعلامي أعتبره مغامرة بمعنى الكلمة والرجل شنو جابره أن يبذل ماله لإيجار قمر صناعي وتكلفة معدات وأستديوهات وموظفين وغيره من دواعي عمل الفضائيات في بلاد زي بلادنا فيها سوق الإعلان نائم لا يدفع التلفزيونات للإنتاج الغزير كما يحدث في بلاد الدنيا، لكن المغامرة عشان الوطن حبابها عشرة والرجل كسب ما هو أغلى من ربح الشيكات، ربح وطنيته وقوميته وانحيازه لقضايا بلده المهمة كقضية السياحة والآثار التي هي قضية إستراتيجية في المقام الأول بحسابات الهوية والقومية والوجود وبلادنا ترفل من القبل الأربع في ثياب الجمال صنعة الخالق والتنوع الذي يجعل منها قارة متنوعة المناخ والتضاريس، ورغم ذلك ظلت السياحة وبكل هذه الأهمية التي تجعلها في بلدان واعية بأهميتها، من مصادر الدخل الرئيسية، رغم ذلك ظلت من الثانويات المهملة توضع حقيبة وزارتها في رف الترضيات والمحاصصات، وهكذا تبقى كماً مهملاً بلا حريص ولا وجيع، لذلك أعتقد أن قيام مثل هذه القناة سيدفع في اتجاه تنشيط السياحة والتعريف بتاريخنا المسروق في المتاحف والمنابر الخارجية، وستعمل على تحقيق ما عجزت عن فعله السياسة وجسور التواصل بين الشعوب وأكثرها امتداداً ومتانة هو المبني على الإعلام والفنون والإبداع، مما يجعل أمر دعم هذه القناة واجباً على كل الأجهزة المعنية بالسياحة والآثار وعلى كل المهتمين بالتاريخ والثقافة حتى تصبح بوابتنا نحو الآخر الذي ظل يجهلنا لأسباب واهية وغير منطقية.
أما “وجدي ميرغني” فيستحق منا الشكر والثناء والتقدير وهو يخوض هذا التحدي في بلد للأسف لا يعين على تحدي أو قفز على الحواجز مما يجعله رائداً في فتح طريق وعر وصعب أرجو أن يتبعه فيه آخرون.
}كلمة عزيزة
الخسائر الفادحة التي تعرض لها تجار سوق أم درمان، جراء الحريق الأخير خاصة الذين كشف الحريق عن تخزينهم لمليارات الجنيهات السودانية، أكدت هذه الخسائر، بل فضحت بدائية المنظومة الاقتصادية السودانية التي فقدت فيها الثقة من قبل المتعاملين والمتعاطين للشأن الاقتصادي بأشكاله المختلفة، بدليل أن هؤلاء فضلوا الاحتفاظ بأموالهم وعدم إيداعها للبنوك خشية أن لا يجدوها حال احتاجوا لها، أعتقد أننا بحاجة لمعجزة حتى يتعافى هذا الجسم المريض، ولمعجزة أكبر لفك الاشتباكات والتقاطعات في المشهد الاقتصادي.
}كلمة أعز
أعود مساء هذا اليوم، للإطلالة التلفزيونية عبر قناة الخرطوم، ببرنامج رفع الستار الذي توقف قبل سنوات ماضية ليعود هذه المرة والساحة حبلى بالقضايا التي تستحق رفع الستار عنها،
آمل أن يكون البرنامج فرصة أخرى نخدم من خلالها الإنسان السوداني ونتصدى لقضاياه ونساهم في إيجاد الحلول لها.