عادت مساء أمس الأول، الدكتورة “مريم الصادق المهدي”، نائب رئيس حزب الأمة القومي، من رحلة خارجية قاربت العام، مع والدها الإمام “الصادق المهدي” زعيم حزب الأمة والأنصار، (المنصورة) وصلت مطار الخرطوم، وكان في استقبالها اللواء مساعد رئيس الجمهورية، “عبد الرحمن الصادق المهدي”، (المنصورة) صرحت قبل وصولها أنها ستصل إلى وطنها الذي ضحى جدودها في تحريره ولا شيء يخيفها من الوصول، الدكتورة “مريم” كانت قد فقدت جواز سفرها في أحد مطاعم لندن خلال وجبة عشاء، ولم تعرف الجهة التي أخذنه، وها هي تعود إلى البلاد بوثيقة سفر اضطرارية، الإمام “الصادق المهدي” الذي خرج قبلها إلى القاهرة ثم الإمارات، بعد أن رفضت مصر استقباله بحجة أنه خالف تعاليم البقاء، فيها ثم غادر إلى بريطانيا التي مكث فيها جل الوقت السابق، وأعلن الإمام “الصادق المهدي” العودة إلى البلاد في التاسع عشر من ديسمبر القادم، وهو اليوم الذي يصادف استقلال البلاد من داخل البرلمان، الإمام كان متردداً الفترة الماضية في العودة بسبب البلاغات المفتوحة ضده من قبل جهاز الأمن والمخابرات، ورغماً عن ذلك حدد يوم عودته بهذا التاريخ السياسي، إن عودة الدكتورة “مريم” ربما تكون مربوطة بعودته والترتيبات الداخلية لها، ولكن هل فعلاً سيعود الإمام في نفس التاريخ بعد أن جدد جهاز الأمن البلاغات التي تصل عقوبتها إلى الإعدام، لا أحد يشك في وطنية الإمام “الصادق” حتى جهاز الأمن نفسه، ولكن هكذا السياسة، فنحن السودانيين نختلف ونتفق فالسياسة تفرق بيننا بينما تجمعنا العلاقات الاجتماعية، فلا توجد دولة في العالم تشبه السودان من حيث العلاقات الاجتماعية فمهما كانت الخلافات بين بعضهم، ولكن نجدهم في الأفراح والأتراح مع بعض وهذه من مميزات هذا الشعب النبيل، لذا فإن عودة (المنصورة) إلى البلاد هي التي سوف تحدد عودة الإمام، فإن طالها الاستجواب وإلقاء القبض عليها من قبل جهاز الأمن والمخابرات، فإن عودة “المهدي” ستكون في مهب الريح، ولكن نرى أنه من مصلحة البلاد أن يكون الإمام وسط أهله وحزبه ومريديه، بدلاً من تلك الحالة، إلا استقرارية لرجل تجاوز الثمانين من العمر، فما الذي يخيف النظام منه وهو في هذا العمر، وما الذي ستقوم به الدكتورة “مريم” لنظام اقترب من الثلاثين عاماً على دفة الحُكم، مهما أوتيت من قوة فلن تستطيع أن تفعل شيئاً بمفردها، فالمعارضة المدنية أو المسلحة كلها الآن في حالة تفاوض مع النظام، وقيادات الحركة الشعبية قطاع الشمال “الحلو وعرمان وعقار” كلها تدرس الموقف التفاوضي للعودة إلى البلاد عبر بوابة السلام، إذاً لماذا تصر قيادات الدولة أن تحدث تلك الصراعات مع الذين لم يشكلوا صراعاً معها ولم تكن البندقية واحدة من أدوات العودة أو الحل، فالإمام هو الأقرب إلى النظام من “الحلو” الذي ستجلس الحكومة معه الأيام القادمة في حوار مباشر، ما الذي فعله الإمام وما هو تأثيره على الدولة منذ خروجه الأول تهتدون وحتى تعودون أن جازت التسمية، أن الإمام “الصادق” ليس خطراً على الإنقاذ وهو في هذه السن، كان بالإمكان أن تكون خطورته وهو في سن الخمسينيات وليس الثمانينيات، يجب أن تستفيد الدولة من أفكاره الإصلاحية وليس التخريبية.. وهو لم يكن في يوم من الأيام مخرباً أو ضاراً بالوطن أو أهله، كل الذي قام به لم يُرق دماً أو يقتل بريئاً جهاده كله باللسان، فنأمل أن تكون عودة الدكتورة “مريم” تمهيداً لعودته النهائية إلى البلاد.