على الرغم من انفراج مشكلة السيولة، ولكن بعض الأفراد يعتقدون أن الحل لم يصل إلى مراحله النهائية، وفي ظني أن أزمة الثقة بين البنوك والمواطنين مازالت قائمة، وكل من تقدم لسحب ماله من الصرافة لن يعيده إلى البنوك مرة أخرى، وحتى تتوفر تلك الثقة فلابد من إيجاد وسيلة أخرى للتعامل مع المال، فمعظم السودانيين مازالوا يتعاملون مع المال بالطريقة القديمة وهي أن يحمل الفرد كمية من النقود في جلابيته أو بنطلونه أو غيرها من الطريقة التي يستخدمها لحفظ المال وهو ذاهب إلى السوق أو العمل، لقد تطور العالم وأصبحت هناك طريقة لعمليات البيع والشراء وهي طريقة الدفع الإلكتروني وهي الطريقة التي يستطيع المواطن أن يحفظ بها ماله ويتعامل بها مع الآخرين فالمحفظة التي تعبأ بالمال ومن ثم تستخدم في عملية السحب هي الوسيلة الوحيدة التي تنقذنا من الحالة التي نحن عليها الآن فالدولة ممثلة في محافظ البنك المركزي ووزير المالية لابد من تفعيل طريقة البيع والشراء وكل المعاملات بتلك البطاقة حتى في وسائل المواصلات يمكن استخدامها، وهذه الطريقة يتم التعامل بها في معظم دول العالم ولا أحد يأخذ نقوده بالطريقة السودانية أي أن يكون الشخص يحمل آلاف من الجنيهات في جيبه، وهذه الطريقة تعرضه إلى السرقة أو القتل أحياناً، ولذلك لابد أن تفعل كل البنوك هذه الطريقة وأن يكون هناك برنامج تثقيفي للجميع لكي يتعاملوا بالبطاقة في كل معاملاتهم وإلا سوف تظل مشكلة السيولة مستمرة فالثقة مازالت مفقودة بين المواطنين، وحتى الذين أخذوا جزءاً من مالهم فلن يعيدوه مرة أخرى إلى البنوك، وكما يقول المثل السوداني الضايق (لدغة الدبيب بيتفوخ في الشوربة أو بخاف من جر الحبل). فالمواطنون وما شاهدوه الفترة الماضية من حرمان لأموالهم من البنوك جعلهم يفقدون الثقة تماماً وحتى تعود تلك الثقة لابد أن تتدفق الأموال عبر الصرافات كما كان في السابق على الأقل شهراً كاملاً فإن لم تعمل البنوك على ذلك فإن الأزمة ستتواصل أو تنشيط طريقة المحفظة البنكية التي يتعامل به مواطنو الدول الكبرى وهذه طريقة سهلة جدا وهي ربط حساب المواطنين بالبنوك فأي معاملة مالية يقوم بها المواطن سواء شراء الخضار أو الفواكه أو اللحوم أو أي معاملة أخرى يتم خصم المال تلقائياً من حساب العميل، وبهذه الطريقة نكون جنبنا أنفسنا الذهاب إلى البنك وحالة الهلع التي انتابت المواطنين بسبب انعدام السيولة، صحيح هذه الوسيلة محتاجة إلى فترة طويلة لكي يتعود عليها الإنسان، ولكنها مفيدة للطرفين الدولة والمواطن، إلا إذا كان المواطن يحب التباهي بالمال وهذه واحدة من مشاكلنا التفاخر والتباهي به، انظروا إلى كل مواطن ميسور الحال وكيف يتعامل مع المال حتى ذهابه إلى الصلاة تجد جيبه منفوخاً بالمال مما يعرضه إلى السرقة، فكم من مواطن ذهب إلى الصلاة أو العقد إلى أحد المساجد فإذا به بعد العقد يتحدث عن تعرضه لسرقة مبلغ كبير من المال داخل المسجد، وكم من خطيب سمعناه قبل بداية الصلاة أو العقد يحذر المصلين من السرقة بمسجده، هذا بجانب السرقات التي تتم بمواقف المواصلات أو داخل البيوت، لذا فإن تفعيل المحفظة البنكية هي الوسيلة الوحيدة التي تجنبنا المخاطر وهي مخرجنا الوحيد من الأزمة التي نعيشها الآن.