إذا ظلت الأحزاب السياسية والنخب فيها تفكر دائماً بنظرية (المؤامرة والتوجس والريبة)، فإن ذلك لن يخرجنا أبداً من حالة القط والفأر التي استهوتها بعض الأحزاب وبعض الشخصيات في علاقتها بمؤسسات الدولة خاصة مؤسسة كبيرة ومهمة كجهاز الأمن والمخابرات الوطني، أقول هذا الحديث وأنا أرفع حاجبي الدهشة للتفسير المحير الذي فسر به السيد “صديق يوسف” عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي، الدعوة التي قدمها جهاز الأمن والمخابرات لأحد أبنائه بالانضمام إلى صفوفه، حيث قال في حواره مع الزميلة “رشان أوشي” إن جهاز الأمن أوفد له ضابطين إلى منزله يحملان مظروفاً أنيقاً فيه طلب بالدفع بأحد أبنائه إلى جهاز الأمن والمخابرات، حيث اعتبرها “صديق” على حسب حديثه لـ”رشان”، أنها محاولة (اختراق) للحزب الشيوعي السوداني، وهو لعمري حديث غريب وعجيب لأنه (يطرشني ويعميني) عن مخابرات تمارس اختراقاتها على طريقة طلبات مقدمة في مظاريف أنيقة وعينك عينك، لأن هذا سلوك لا تمارسه أقل الأجهزة الأمنية إمكانات والتي تعرف كيف تخترق الآخرين (بسرية وصمت)، لذلك سمي الفعل اختراقاً لأنه يتم بسرية ومن خلف ستر وحجب، بعدين لاحظت أن الأخ “صديق” قال إن هناك مظاريف أخرى يحملها الضابطان اللذان حضرا إلى منزله تحمل ذات المغزى، فهل معنى هذا الجهاز يريد اختراق جهات أخرى بذات الأسلوب المكشوف؟.. وخلوني أقول إن الأخ “صديق” ومن حيث لا يدري أعطى جهاز الأمن والمخابرات شهادة مفادها أن هذه المؤسسة تقدم للقوى السياسية أقصى عرابين مد الأيادي البيضاء، وهي تلغي بمثل هذه الطلبات فرضية أن الجهاز حكر للحكومة وأنه يقصي بقية أبناء السودان عن هذه المؤسسة القومية ويجعلها حكراً على فئة معينه تمارس سياسة (الما معانا فهو ضدنا بالمطلق)، ولعل الحديث عن اختراق الحزب الشيوعي بهذا الأسلوب اعتبره ضرباً من الهزل والضحك على عقول الشعب السوداني، لكن يبدو أن “صديق” يعمل بطريقة (الما دايرك في الضلام يحمر ليك)، بدليل أنه فسر ما قال إنها ترتيبات بين بعض قادة الحزب، وعلى رأسهم “الخطيب” و”صدقي كبلو” للقاء مع القيادي بحزب المؤتمر الوطني، الأستاذ “كمال عبد اللطيف”، إضافة إلى ترشيح “حمدوك” لمقعد وزير المالية، أنها لتلويث سمعة الحزب، وهو تفكير فطير وغير منطقي، لأنها برأيي جميعها محاولات يبذلها الحزب الحاكم في سبيل وفاق وطني يذيب جبال الجليد التي ارتفعت بينه والقوى السياسية الأخرى لعدد من السنوات، وهو الحل الوحيد للوصول إلى سلام حقيقي واستقرار في الشأن الداخلي ووفاق واتفاق ليس صعباً ولا عسيراً إن خلصت النوايا وتوجهت جميعها إلى محراب الوطنية الصادقة بلا توجس أو تخوين، وبعيداً عن العيش في جو مسلسلات “رأفت الهجان”، والحزب الشيوعي يظن “صديق” أنه لا زال محاطاً بسياسة السرية والتكتم كما في عهد زعيمه الراحل الرجل الوطني العظيم “محمد إبراهيم نقد”.
الدايرة أقوله إنه من حق “صديق” أن يرفض انضمام نجله لجهاز الأمن لاعتبارات تخصه، لكن ليس من حقه أن يشوه الخطوة ويفرغها من معناها ويجعلها مجرد محاولة (دنيئة) لاختراق الحزب الشيوعي الذي يمكن أن يخترق بأساليب مؤكد ليس من بينها طلبات بمظاريف أنيقة، وهي طريقة لو سمع بها كتاب السيناريو في (أم بي سي آكشن) سيصيبهم الغضب، لأنها طريقة مكشوفة تفتقر للذكاء وحتى للتشويق.
}كلمة عزيزة
في إجابة الأخ “صديق” على سؤال ما هو رأيه في الإجراءات الاقتصادية الأخيرة المتعلقة بسعر العملات الأجنبية مقابل الجنيه عبر القنوات الرسمية؟.. قال ماذا نقول في هذا التخبط ومزيداً من الغلاء والضيق !!.. وبصراحة كنت سأحترم رأيه لو لا أنه ألمح في بداية الحوار إلى إيعاز حزبه لكادره “حمدوك” برفض المنصب الوزاري بما فسره أنه تشويه لسمعة الحزب، يا سيدي جاءتكم الفرصة أن تساهموا في التصحيح، والحزب الحاكم الذي هو ليس حزباً غبياً أتاح منصباً مهماً لأحد كوادركم بأن يساهم في مسيرة التصحيح والإصلاح، لكنكم للأسف رفضتم الأيادي التي قدمت لكم وافترضتم أنها ليست (بيضاء من غير سوء)، أليس هذا خذلان وتملص عن لعب دور تاريخي وفرصة لحزبكم واللا انتو (يا فيها يا نلافيها).
}كلمة أعز
كل صباح أتأكد أن بعض الأحزاب المعارضة ما عندها مانع تقود بلادنا نحو الحريق وما عندها استعداد تسمع أو تناقش، ويجوها بي جاي تنط بي جاي، كان الله في عوننا.