تسعة أشهر أمضاها الإمام “الصادق المهدي” متجولاً بين القاهرة ولندن والإمارات، حسب ما ذكر وقال إنه سيعود إلى البلاد قريباً.
الإمام “الصادق المهدي” ليس في حاجة إلى تلك الجولات المكوكية خارج البلاد، خاصة وأنه تعدى الثمانين من العُمر، وهو في حاجة أن يكون داخل وطنه مهما كانت معارضته للنظام، إن الإمام “الصادق المهدي” ليس في حاجة إلى المعارضة الخارجية، ولن يستطيع أن يقنع المجتمع الدولي أو المعارضين بالخارج أن يعودوا إلى الوطن إذا كانت هذه فكرته، وهو يعلم تماماً أن العالم الخارجي لن يرضى عن السودان مهما قدم لهم الحاكمين بالبلاد، وهو قد جرب ذلك منذ أن كان في الثلاثين من عمره عندما اعتلى سُدة الحُكم رئيساً للوزراء وهو ابن الثلاثين ربيعاً، فما الذي ينتظره بعد الثمانين من هذا المجتمع الذي حمل معوله لهدم كل جميل في البلاد، الإمام “الصادق المهدي” كان من المفترض أن يعمل على خلق جيل جديد يتسلم الراية من بعده عبر التدريب والنصح والإرشاد، شأنه شأن كل الملوك والأمراء الذين عملوا على تربية أبنائهم وتدريبهم على تولي الحُكم، كما فعل الأمير “حسين بن طلال” فقد درب نجله الأمير “عبد الله” فعندما توفي كان الأمير “عبد الله” يتسم بكل صفات الحُكم، فقد استطاع على مجالسة الرؤساء والملوك والأمراء، عند وفاة والده كان حاكماً بمعنى الكلمة، وكذلك “محمد السادس” الذي نشأ في بيت ملك وتربى على كيفية الحُكم من بعد والده الملك “محمد الخامس” ملك المغرب، إن التجارب في المنطقة العربية لتولي الأنجال الحُكم كثيرة، ولكن مشكلة السودان أن الأب يريد أن يظل حاكماً أبد الدهر، وهذا لم يخرج لنا أجيالاً قادرة على الحُكم، لا قدر الله لو توفي الأب الحاكم فجأة لأن الأب مشغول بنفسه ولم يعمل على تدريب من يتولى الحُكم من بعده، فالوقت ما زال مواتياً للإمام “الصادق المهدي” ليجعل من بعده خليفة، فالصحة الآن لم تسعفه أن يظل حاكماً ولو تنازلت له الإنقاذ اليوم عن الحُكم، لذا لابد أن يعود إلى وطنه وإلى محبيه ومريديه، يعمل على ترتيب وتنظيم الشؤون الداخلية لتلك الأسرة بدلاً من التجوال وإضاعة وقته متنقلاً بين الدول، فالإمام “الصادق المهدي” ليس وحده المطلوب للعودة إلى أرض الوطن، فمولانا “محمد عثمان الميرغني” هو أيضاً معني بالعودة إلى داخل الوطن، فلم يبقَ في العُمر بقية ليضيعه خارج وطنه، (فمحبيه ومريديه) أحوج إليه في هذا الظرف، فإن أراد أن يحكم بعد هذا العُمر يكون قد كذب على نفسه، فمولانا لم يدرب أبناءه على الحُكم.. وقد شهدنا الفترة الماضية كم من أبنائه فشلوا ولم يستطيعوا أن يحكموا.. فمولانا كان ينظر إلى نفسه قائداً ومرشداً ومعلماً، ولا أحد يستطيع أن ينازعه تلك السُلطات، ولذا حينما جاءت الفرصة ليتولى الأبناء الحُكم لم يستطيعوا، لأن تجاربهم ضعيفة ولم يُتِح لهم الوالد فرصة الالتقاء بالجماهير والمريدين أو كيفية تعلم فنون الحُكم، إن البيوتات السودانية التي أنجبت قادة أفذاذاً لم يتيحوا لغيرهم فرصة التدريب والتعلم، ولذلك لم نجد ابناً للرئيس “إسماعيل الأزهري” خليفة له، ولا لـ”المحجوب” ولا “عبد الله خليل” ولا “زروق” ولا “الفضلي” إلا الإمام “الصادق المهدي” الذي يريد أن يختزل حزب الأمة والأنصار في شخصه، فلو أتاح الفرصة من بدري لنجليه اللواء “عبد الرحمن أو صديق” أو أياً من أبنائه، لما واجه حزب الأمة تلك الصراعات والمشاكل، حتى الشيخ “حسن الترابي” لم يدفع بأحد أبنائه ليكون خليفة له، لذا نأمل أن يعود الإمام “الصادق” إلى وطنه، وأن يعمل على ترتيب البيت الأنصاري من الداخل، ليكون هنالك خليفة من بعده يقود مسيرة حزب الأمة والأنصار.