(المجهر) في حوار مع القيادي البارز بجبال النوبة ووزير السياحة الأسبق “أمين بشير فلين”
الحديث عن تأجيل الانتخابات غير مناسب
هنالك قضايا فساد ومخالفات تزكم الأنوف لا بد من حسمها
إصلاح الدولة يبدأ بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب
تحالف قوى 2020 ليس بقوى جديدة ولا تختلف أفكارهم وأطروحاتهم
حوار- نجاة صالح شرف الدين
“أمين بشير فلين” القيادي البارز بجبال النوبة وزير السياحة الأسبق، النائب البرلماني بالجمعية التأسيسية في الديمقراطية الثالثة 1986 – 1989م عن الحزب القومي السوداني ممثلاً لدائرة ريفي سلارا غرب الدلنج، عضو وفد قيادات أبناء جبال النوبة في دول المهجر لمؤتمر الحوار الوطني، عضو مجلس الولايات عن نواب الحوار الوطني، هو شخصية قومية.. (المجهر) أجرت معه لقاءً تناول خلاله المشهد السياسي بأبعاده المتعددة وقضاياه المتشعبة على مختلف الأصعدة.. فإلى محاور هذا اللقاء.
{ بداية فلنبدأ الحديث بقضية الانتخابات للعام 2020م التي تشغل الرأي العام والساحة السياسية هذه الأيام فهنالك أصوات تنادي بتأجيل إجراء هذه الانتخابات وأخرى تدعو إلى ضرورة تعديل قانون الانتخابات.. فكيف تفسرون ذلك؟
– في رأيي الشخصي أنه يجب أن تقام الانتخابات في موعدها المحدد دون تأجيلها وذلك حسب مخرجات الحوار الوطني، ولا أرى ضرورة لتأجيل الانتخابات نسبة لعدم جاهزية بعض القوى السياسية، وأعتقد أن الأحزاب السياسية والقوى السياسية الأخرى يجب أن تكون جاهزة لإجراء الانتخابات باعتبار أن الفعاليات السياسية والأحزاب (ليسوا تلاميذ في قاعات المحاضرات لنعمل لهم امتحانات).
وبالنسبة لتعديل قانون الانتخابات لا بد أن أوضح أن مخرجات الحوار الوطني قد حسمت هذه المسألة بإجماع القوى السياسية المشاركة في الحوار الوطني، وأحسب أن المطلوب فقط من كل الذين شاركوا في الحوار الوطني أن يتم تمثيلهم في وضع قانون الانتخابات، وأعتقد أن المفوضية القومية للانتخابات يجب أن تتكون من القوى السياسية كافة والأحزاب المؤثرة في الساحة السياسية في السودان حكومة ومعارضة، ويجب أيضاً أن لا يتم تكوين المفوضية القومية للانتخابات بالتعيين باعتبار أن وجود قوى مختلفة داخل تكوين مفوضية الانتخابات يمنع التزوير، أما إذا تم تعيين أعضاء هذه المفوضية فلن نضمن استقلاليتهم، وبالتالي لا نضمن أيضاً عدم حدوث تزوير في العملية الانتخابية.
{ مسألة وجود دستور دائم للبلاد من الأهمية بمكان وقد أخذت هذه القضية حيزاً كبيراً من الاهتمام على الأصعدة والمستويات كافة.. كيف ترون ذلك؟
– في البدء لا بد من أن نوضح هنا أننا كنواب لم نقبل الحضور والمشاركة في الحوار الوطني إلا بعد الالتزامات التي قدمها رئيس الجمهورية بأن الحوار سيكون شفافاً وحراً والكل يقول حتى المسكوت عنه وأنه سيلتزم ما تم الاتفاق عليه من قبل المحاورين، وبالتالي فإن وضع الدستور الدائم للبلاد لا بد أن يكون وقف مخرجات الحوار الوطني بمعنى أن تكون مخرجات الحوار هي الأساس لوضع الدستور الدائم، وبالتالي يجب مشاركة كل من شارك في الحوار الوطني في وضع مسودة الدستور.
{ حظيت قضية محاربة الفساد باهتمام بالغ لدى الرأي العام وتم إلقاء القبض على القطط السمان وتم تقديم عدد منهم لساحات العدالة.. كيف تنظرون لهذه القضية؟
– نسمع كثيراً أن الحكومة تتحدث عن الفساد والقطط السمان، فمن المعلوم أن الفساد موجود في دواوين الحكومة وشركاتها والمؤسسات التابعة لها، وبما أنه ليس هنالك مؤثر من خارج الحزب الحاكم في الحكومة أو المؤسسات التي تتبع لها، فالحكومة تعلم أن المفسدين الذين لا يتبعون للحزب الحاكم قد تم فصلهم من المواقع القيادية في المؤسسات والشركات الحكومية، إذن فلا مجال أن نعتقد بأن هؤلاء جزءاً من الفساد.. بمعنى آخر فإن الفساد موجود في بيت الحزب الحاكم وبالتالي يجب حسم هذا الأمر ولا داعي أن نسمع حديثاً حول القطط السمان دون تسميتهم أو اتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم وأن هنالك قضايا فساد تزكم الأنوف مثل بيع الخطوط الجوية السودانية، وأسطول النقل البحري، ومنازل الدبلوماسيين في لندن، ومشروع الجزيرة، والنقل الميكانيكي، والسكة الحديد، وهنا نتساءل لماذا تم البيع؟ ومن الذي استفاد من هذه المخالفات ولماذا لم يتم حسم هذه القضايا الكبيرة، وأعتقد أن الحديث عن الفساد والمفسدين ما هو إلا (ضحك على الذقون) وبالتالي فإنه إذا لم يتم حسم هذه القضايا الكبيرة فلن تنصلح مؤسسات الدولة أبداً.
{ هنالك عمل دؤوب للسعي نحو إصلاح الدولة.. فكيف تفسرون ذلك؟
– في اعتقادي أن إصلاح الدولة يبدأ بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب وأن يتم اختيار هذا الشخص في حالة المؤسسات الدستورية كالرئيس، والوزراء، الولاة، بحيث يكون بالانتخاب الحر المباشر من قبل المواطن حتى يمكن محاسبتهم، أما في حالة أن يتم بالتعيين فإنه يُفرض من الحزب على بقية الشعب السوداني، وهذا يؤدي إلى دمار الدولة.
أما بالنسبة لوظائف الخدمة المدنية فيجب أن يتم الاختيار حسب الكفاءة والتخصص.
{ ذاع صيت (تحالف قوى 2020) لخوض انتخابات 2020.. في رأيك هل يستطيع هذا التحالف اكتساح الانتخابات؟
– تحالف قوى 2020 ما هو إلا وجه آخر للمؤتمر الوطني لأن كل هؤلاء كانوا مع الحزب الحاكم وهؤلاء هم الذين أتوا بالإنقاذ وفعلوا ما فعلوا بالشعب السوداني، وأخيراً انشقوا عن الإنقاذ أو المؤتمر الوطني وقاموا بتكوين مجموعات جديدة، ولكن لم تختلف أطروحاتهم.. وبصراحة أقول إن هؤلاء يجدون القليل جداً من التقدير لأنه على الأقل كان عليهم أن لا يرموا بالوزر على ما آلت إليه الأحوال في السودان.. كان من الواجب أن تكون لديهم الشجاعة الكافية بأن يقولوا (لقد أخطأنا ونتحمل ما آلت إليه الأوضاع في السودان بدلاً عن التباكي على ما يعتقد أنه من مساوئ الحكومة والمؤتمر الوطني، خاصة في حديثهم عن الفساد والحريات التي كانوا هم (فرسان كتمها) عندما كانوا في السلطة.. إذن هؤلاء- أي قوى تحالف 2020م- ليسوا بقوى جديدة ولديهم أفكار أفضل ممّا كانت لديهم من قبل.
{ تعليلكم لأسباب الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد؟
– أعتقد أن الأزمة الاقتصادية مفتعلة لأننا قد خرجنا من الحصار الاقتصادي وبعد أن تم رفع الحظر الاقتصادي كان من المفترض أن يتحول الوضع الاقتصادي إلى الأفضل فماذا حدث؟؟ وإذا تحدثنا حول مسألة السيولة وهنا لا بد أن نتساءل من الذي يصدر العملة؟؟ ومن الذي يحفظ السيولة؟ فلا شك أنه بنك السودان والبنوك الأخرى، وأعتقد أن الجهات الحكومية هي المسؤولة عن وضع السياسات في مثل هذه الحالة، وأعتقد أيضاً أن هنالك فشلاً تاماً من قبل الجهات المسؤولة عن وضع هذه السياسات مما أدى إلى الأزمات الحالية.
{ صدر قرار بإنشاء مكتب لحقوق الإنسان في السودان مع الإبقاء على دور الخبير المستقل لحقوق الإنسان في السودان.. كيف تنظرون إلى هذا الأمر؟
– أعتقد أن كثيراً جداً من مكاتب المنظمات الدولية وبعض المنظمات الطوعية في السودان ما هي إلا واحد من أسباب تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والإنسانية في السودان، على سبيل المثال فإن كثيراً جداً من هذه المنظمات تعتمد على معلومات غير صحيحة من جهات مغرضة ومعادية للحكومة فتتم معاقبتها بناء على ذلك، سواء بالحصار الاقتصادي أو دمغها بالإرهاب أو شائعة بأن البلاد غير آمنة، وما لذلك من آثار اقتصادية خاصة في المجال الاستثماري والسياحي، ويؤدي إلى تردي الأوضاع الاقتصادية التي تطحن المواطن الأغبش قبل الحكومة، وبالتالي فهم الذين يتسببون في معاناة الشعب السوداني وليس الحكومة. وجود مكتب خاص بحقوق الإنسان في السودان ما هو إلا ذريعة لزيادة المعاناة، وكثير جداً من المنظمات الطوعية لا تقوم بتوصيل المساعدات الإنسانية لأهلها وإنما أصبحت تعمل لمكاسب العاملين أكثر مكاسب المواطن، وبالتالي فإنها ليست لها مصلحة في قول الحقائق حتى لا يتوقف تدفق الإعانات عليها، إذ إن كثيرين ممن يعملون في مجالات العمل الطوعي قد أثروا ثراء فاحشاً ولم يكن لهم من قبل تاريخ في العمل الاقتصادي ومصادر كبيرة في الدخل، وأعتقد أنهم جزء مهم في أسباب إطالة النزاعات في السودان. وهنالك بعض من المعارضين في خصامهم مع الحكومة يؤذون الشعب السوداني كثيراً، وما المعلومات التي قدمت عن مصنع الشفاء وتم تدميره إلا شاهد على ما أقول.
{ هل أنتم راضون عن سير تنفيذ مخرجات الحوار الوطني؟
– تنفيذ مخرجات الحوار الوطني يسير بصورة سلحفائية وفي بعض الأحيان إلى الوراء، على سبيل المثال تكوين المفوضية القومية للفساد لم يكن يحتاج إلى كل هذا الوقت الطويل، ومسألة التمييز الإيجابي للمناطق المتأثرة بالنزاعات في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ودارفور لم يحدث فيها شيء، بل بالعكس، وكانت هنالك حوالي (1,500) منحة دراسية لأبناء جنوب كردفان في الجامعات الحكومية لكن بكل أسف بعد الحوار الوطني والتوصية بالتمييز الإيجابي تم إيقافها عاماً من قبل وزارة التعليم العالي بدلاً عن منح المزيد، وهذا تمييز سلبي وليس إيجابياً. الحوار الوطني كان أعظم حدث في السودان بعد الاستقلال، فإذا تم تنفيذ ما تم التوصل من مخرجات سيكون ذلك خطوة هائلة نحو سودان مستقر ومزهر ومتحد.
{ مبادرة السودان بجمع فرقاء جنوب السودان التي أفضت إلى التوقيع على اتفاقية السلام لجنوب السودان وجدت قبولاً وإشادة من المجتمع والمجتمع الدولي.. ما تقييمكم لهذه المسألة..؟
– بكل تأكيد السودان بذل جهداً مقدراً لجمع الفرقاء إلى مائدة المفاوضات والتوصل إلى التوقيع على اتفاقية السلام التي كنت آمل أن يتم التوقيع النهائي عليها في الخرطوم وليس في أديس أبابا حتى يعلّى للسودان حقه الكامل في جهوده التي أثمرت عن هذا الاتفاق، وأحسب أنه إذا كان السودان قادراً على حل تلك المعضلة بين الأخوة الجنوبيين فالأجدى أن تعمل الحكومة على معالجة مسألة السلام مع الفرقاء السودانيين.
{ حقبة الديمقراطية الثالثة لم تقدم جديداً للشعب السوداني ولم تلب رغباتهم وطموحاتهم وآمالهم والوصول إلى تحقيق أهدافهم وتطلعاتهم بالصورة المرجوة؟
– قديماً قيل (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان) أقول ذلك فالديمقراطية الثالثة متهمة بأنها لم تستطع أن توفّر قوت المواطن ولم توفّر أماناً واتهامات أخرى، لكننا نتساءل هل الذين أتوا للحكم قبل الديمقراطية الثالثة أو بعدها استطاعوا تحقيق ما فشلت فيه؟ وهل كان حال المواطن في الديمقراطية الثالثة أسوأ ممّا هو عليه الآن؟ نعم كانت هنالك أخطاء وسلبيات، لكن كنا على الأقل نستطيع أن نصرخ ونتحدث عن الأمن بصوت عالٍ أكثر ممّا فعلنا ونفعل قبل وبعد الديمقراطية الثالثة. وأفضل شيء في هذه الحياة هو حرية الإنسان وقد قال الخليفة “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً).
{ في حقبة الديمقراطية الثالثة كان هنالك ائتلاف بين ثلاثة أحزاب: الأمة والاتحادي الديمقراطي والجبهة الإسلامية.. ألا توافقني الرأي بأن هذا الائتلاف الثلاثي لم يقدم أي جديد في الساحة السياسية أو للشعب السوداني؟
– أعتقد أن حقبة ائتلاف الأحزاب الثلاثة: الأمة، الاتحادي والجبهة الإسلامية كانت حقبة مضيئة لأنها على الأقل جمعت القوى الرئيسية في السودان وقوى أخرى كان يمكن أن تنهض بالسودان، ولكن تعصّب البعض إلى أحزابهم وأيديولوجياتهم على حساب المصلحة العامة أطفأ تلك الومضة المضيئة التي أدت إلى مجيء الإنقاذ.
{ في عهد الجمعية التأسيسية في الديمقراطية الثالثة كنت نائباً برلمانياً فاعلاً.. بيد أن الجمعية التأسيسية لم تحقق رغبات وتطلعات الشعب السوداني في مختلف المجالات؟
– فترة الجمعية التأسيسية في الديمقراطية الثالثة كانت مليئة بالنشاط الديمقراطي والبرلماني، ولا أقول إنها كانت الأمثل إلا أنها كانت بداية طيبة جداً لتأسيس الديمقراطية التي افتقدها السودان منذ فترة طويلة من قبل وقد بدأت متعثرة قليلاً ثم أُجهضت فيما بعد بقيام الانقلاب ولم تُتح لها المدة الكافية لأن تكون ديمقراطية معافاة.. وشخصياً أرى أن تلك التجربة كانت تجربة ثرة في مقتبل حياتنا السياسية وما حققه الحزب القومي السوداني بإمكانيات بسيطة لعدد معتبر من النواب في الانتخابات وحصولنا على مقعد وزاري لأول مرة في التاريخ في نظام ديمقراطي، وليس هنالك ما نندم عليه من عمل خلال الديمقراطية الثالثة إلا عدم اكتمالها وعدم تمكننا من تحقيق آمال وطموحات المواطنين الذين دفعوا بنا إلى البرلمان ومنحونا الثقة، وكانوا يستحقون أن تقدم لهم خدمات أكثر ممّا تم.
{ أنتم كقيادات لأبناء جبال النوبة في دول المهجر لماذا قررتم العودة للسودان والمشاركة في الحوار الوطني بعد معارضة طويلة منذ قيام الإنقاذ وحتى حضوركم للمشاركة في الحوار الوطني؟
– لا بد أن نوضح بأننا لم نرض الانضمام للإنقاذ عند مجيئها تقديراً للتاج الذي منحنا إياه جماهيرنا ووصلنا إلى قبة البرلمان بأصواتهم، وتقديراً واحتراماً للديمقراطية آثرنا عدم الانضمام لنظام أتى بقوة السلاح، ولكن عدنا إلى السودان عندما شعرنا أن بلادنا أصبحت في مهب الريح وأن سفينتها على وشك الغرق خاصة بعد ذهاب الجنوب وما يحدث في جنوب كردفان والنيل الأزرق، فكان لا بد أن نتناسى الهمّ الخاص لبعض الوقت والعمل على إنقاذ وطننا من مزيد من الانقسامات، فضلاً عن الدعوة التي أطلقها رئيس الجمهورية المشير “عمر حسن أحمد البشير” في الداخل والخارج وللمعارضة بصفة خاصة بشقيها السياسي والعسكري لحوار غير مشروط للتوصل إلى ما يمكن أن يجمع أهل السودان على كلمة سواء، فكان لا بد من تلبية هذه الدعوة إذ إن الأصل في معالجة أية مشكلة هو الحوار، وقد أرسل الله سبحانه وتعالى سيدنا “موسى” إلى فرعون حين طغى وقال “أنا ربكم الأعلى”، وأن يقول له قولاً ليناً، فإذا كان ذلك القول مع الطاغية الذي قال “أنا ربكم الأعلى”، فكان الأولى بنا أن نأتي إلى وطننا والحوار مع الحكومة التي تمثل أبناء هذا البلد.
لقد تحدثنا أيضاً مع المسؤولين وطلبنا منهم وقف القصف الجوي على المواطنين الأبرياء في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، وتسهيل حركة المواطنين العزّل بين المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة والتي تقع تحت سيطرة الحركات المسلحة، لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى خطوات إيجابية نحو تحقيق السلام وتكون لنا المصداقية.. أيضاً نحن جئنا من الخارج لنقف مع قضايا أهلنا والعمل بجدية نحو تحقيق السلام وهذا لم يكن ممكناً إذا استمر القصف الجوي، وأحسب أن الحكومة قد التزمت التزاماً تاماً بهذا الخصوص وأصبحت الأوضاع أكثر استقراراً ولم نسمع خلال وجودنا في السودان لقرابة العامين بأي قصف لمناطق المواطنين العزل، وهذا عمل إيجابي نحو تحقيق السلام، وإن كنا نأمل في وجود جهود أكبر ولقاءات مكثفة بين الحكومة والحركات المسلحة وتقديم تنازلات من الجانبين من أجل تحقيق سلام دائم وشامل وعادل، ولكن رغم البطء في الوصول إلى هذا الوضع فما يشعر به المواطن في تلك المناطق أفضل بكثير ممّا كان عليه الحال قبل عامين، ولا بد من أن نشكر رئيس الجمهورية المشير “عمر البشير” على قراراته بوقف إطلاق النار والعدائيات مع الحركة الشعبية، والشكر موصول لقيادة الحركة الشعبية قطاع الشمال على استجابتها لذلك وإعلان وقف إطلاق النار والعدائيات من جانبها ممّا كان له الأثر الإيجابي في الاستقرار وتحقيق الأمن والاستقرار في تلك المناطق (ولو مؤقتاً)، وأن يأتي السلام متأخراً خير من أن لا يأتي.. وما لا يُدرك كله لا يُترك كله.