ظاهرة انتشار السلاح!!
في فترة سابقة راجت في المجتمع ظاهرة انتشار السلاح، خاصة بعد توقيع اتفاقية السلام وأصبح السلاح هو اللغة التي يتحدث بها كل شخص غضبان أو على خلاف مع شخص أو أشخاص آخرين. الدولة حاولت السيطرة على سوق السلاح المنتشر بين الناس، لكنها لم تستطع إيقافه. وأذكر ونحن في صحيفة (الأنباء) تقريباً كنا نُبلغ للتحرك إلى المنطقة (الفلانية) التي اكتُشفت فيها كميات كبيرة من الأسلحة، وفي أحد الأيام وعند الخامسة أو السادسة صباحاً أخطرنا بالتحرك إلى منطقة أمبدة التي عثرت فيها سلطات الأمن على كميات كبيرة من الأسلحة المختلفة. وصلنا إلى المنطقة المعنية ودخلنا في أزقة ومناطق مأهولة بالسكان، ولا ندري كيف وصل السلاح إلى تلك المنطقة التي يصعب أن يدخلها صاحب عربة كارو ناهيك عن عربة تكون محملة بكميات كبيرة من الأسلحة، والسبب أن الأزقة ضيقة والسكان في حركة دائبة ودائمة، والأطفال مكتظون بالطرقات. دخلنا منزلاً أشبه بالمهجور، ودخلنا مع الأجهزة الأمنية إلى غرفة مساحتها تقريباً (4×4).. الغرفة أشبه بالقبر، والسلاح أشبه بالجثة، فقد دُفن السلاح في تلك الغرفة بعد أن تم تمريره عبر نوافذ (60×60) أو (90×120) والأرض مبللة بالماء.
في المنطقة المحيطة بوجود السلاح شاهدنا هلع المواطنين وعلامات استفهام كبيرة كانت مرسومة على وجوه أولئك البسطاء، بل الدهشة كانت تتملكهم ولسانهم يعجز عن النطق، وأفراد الأجهزة الأمنية يصعدون على أسطح المنازل علهم يجدون خيطاً يقودهم إلى معرفة الجهة التي كانت وراء السلاح، والكلاب البوليسية تتنقل من منطقة إلى أخرى.. لا أحد وقتها وجد تفسيراً لتلك الظاهرة التي انتقلت إلى منطقة أخرى، واكتشفت الأجهزة الأمنية كميات من السلاح.. وانتهت قصة السلاح المخبأ بعدد من مناطق الولاية سواء أكان في منطقة أم درمان أو الخرطوم، أو غيرهما من المناطق التي كانت هدفاً لذلك السلاح.
قبل فترة قليلة لم تتعدَ الشهر تقريباً، ظلت الأجهزة ترصد كميات السلاح المهرب من بعض المناطق إلى داخل ولاية الخرطوم عبر اللواري أو العربات الصغيرة، ولكن حتى الآن لم نسمع تصريحاً واحداً يوضح أن هناك جهات معينة تقوم بتهريب هذا السلاح إلى داخل ولاية الخرطوم، ولم يذكر المستفيدين منه، ومن وراءه؟ وما هي القرارات التي اتخذت ضد أولئك المهربين؟!
إن أحداثاً كثيرة تحدث ضجة في المجتمع، وتظل حديث المدينة لفترة طويلة من الزمن، لكن لم نسمع أن الجهات المختصة وبعد تلك الضجة قد اتخذت قرارات في مواجهة المتهمين أو المدانين. لذلك تكثر الإشاعات في غياب المعلومة، ويكثر نسج الروايات والقصص حولها، مما يجعل الحدث الصفير رواية من عدة فصول. وقد شهدنا ذلك عندما أُجريت عملية جراحية للسيد الرئيس بالدوحة وكانت طي الكتمان، فبدأت الشائعة حولها، ومن ثم زادت الشائعة عندما أُجريت له عملية أخرى بالمملكة العربية السعودية، وانتشرت كما تنتشر النار في الهشيم، وبرعت المواقع الإلكترونية في زيادتها وانتقلت من المملكة العربية السعودية، وطارت إلى كل دول الجوار حتى وصلت الولايات المتحدة الأمريكية.. أما داخل الوطن فلم يبقَ إلا أن تُنصب السرادق، إلى أن برع الأستاذ “عماد سيد أحمد” السكرتير الصحفي للسيد الرئيس في قتل الشائعة رغم انتشارها عبر الأخبار المتلاحقة عن صحة الرئيس ولقائه بالجالية السودانية بالرياض.. لذا يجب على الجهات المسؤولة أن تحذّر من تلك الشائعات، وتعمل على تمليك الحقيقة للشعب أولاً بأول قبل أن تطال الشائعة المخلصين من أبناء الوطن!!