حينما أعلن رئيس الجمهورية، الأسبوع الماضي حل حكومة الوفاق الوطني، كان الحل مفاجأة للجميع حتى منسوبي الحزب وأحزاب الوفاق كانوا في دهشة لسرعة الحل، بالأمس أعلن التشكيل الوزاري الجديد وأيضاً كان مفاجأة للجميع، لأن الحديث كان التشكيل (الأحد) القادم، بعد أن يعود السيد الرئيس من اجتماعات الإيقاد صباح (الجمعة)، ومن ثم تبدأ عملية المشاورات مع الأحزاب، ولكن جاء التشكيل متعجلاً ولا أظنه وصل لمرحلة الدراسة المتأنية للوزراء، ويدور همس في الشارع وفي الوسائط المتعددة أن السيد وزير المالية الجديد، “حمدوك” اعتذر عن المشاركة في الحكومة، وهناك حديث كثيف عن اعتذار الدكتورة “أبو كشوة” أيضاً، لذا كان من المفترض أن تتأنى الحكومة في اختيار منسوبيها أو انتظار الأحزاب الأخرى أن تختار وزراءها بطريقة أكثر تأنٍ ونذكر أن الحكومة التي أعقبت الحوار الوطني، والتي تم بموجبها التشكيل كان السيد النائب الأول أن حكومته الجديدة فيها عدد من البروفيسورات، ولكن أحد البروفيسورات وهو وزير العدل، وقبل أن يصعد (الأسانسير) للوصول إلى مقر أداء القسم، أبعد من أداء القسم، بحجة أن الشهادات التي يحملها لم تكن صحيحة، فكيف لحكومة تختار وزيراً قبل أن تعرفه معرفة دقيقة، وفي آخر لحظة تكتشف أنه ليس أهلاً للمنصب فتبعده، فما حدث يؤكد أن الحكومة تتعجل الأمور، فما الذي يضيرها لو انتظرت يوماً أو يومين، لتتأكد أكثر عن رغبة الدكتور “حمدوك”، وهل هو فعلاً راغباً في المنصب أم لا، الحكومة متعجلة ولا أحد يعرف سبب هذه العجلة، أصلاً المشكلة في الجانب الاقتصادي، والحديث كله عن وزير المالية، فلماذا لا تبحث عن الشخص المناسب لهذا المنصب، أن كان من الموالين للحزب أو من الأحزاب الأخرى؟، ومن ضمن تعجل الحكومة إبعاد الباشمهندس “مكاوي محمد عوض” وزير النقل والطرق والجسور، فهو من الكفاءات النادرة والذي يعمل في صمت، وقد شهدت له وزارة الكهرباء من قبل، فالاستغناء عنه ليس في مصلحة الحكومة الجديدة، لقد غاب عن التشكيل الجديد الأستاذ “مبارك الفاضل” وزير الاستثمار، صحيح هو اعتذر قبل التشكيل، ولكن ربما اعتذاره جاء بعد إبلاغه بعدم مشاركته في التشكيل الجديد، كما أبلغ الكثيرين مثله، ولذلك استبق التشكيل بمؤتمره الصحفي، والذي أعلن فيه بعدم رغبته في المشاركة.. أما الدكتور “أحمد بلال عثمان”، والذي لم يغادر أي حكومة تم تشكيلها، فكانت المفاجأة تعيينه وزيراً للداخلية، بدلاً من وزارة الإعلام، فلا ندري ما هي علاقة الدكتور “أحمد بلال” بالداخلية؟ إلا إذا أرادت الحكومة أن تحتفظ به من باب المجاملة، فالفريق “هاشم عثمان الحسين” الذي عين والياً لولاية الخرطوم، فهو الأنسب إلى منصب وزير الداخلية، فقد خبر العمل الشرطي فترة من الزمن، ويمكن أن يقدم فيه الكثير، والمفاجأة الأخرى في التشكيل لا خروج الفريق أول مهندس “عبد الرحيم محمد حسين”، من الحكومة نهائياً، ولكن ربما أراد السيد الرئيس أن يكون أقرب إليه، بعد أن عين “حاتم حسن بخيت” وزير دولة بمجلس الوزراء، بدلاً من مدير مكاتب السيد الرئيس، هل يريد السيد الرئيس أن يأتي به مديراً لمكاتبه بدرجة وزير أم هناك وظيفة أخرى ستفصل عليه؟، عموماً التشكيل في ظني جاء متعجلاً، وكان يمكن أن تنتظر الحكومة أياماً أخرى لمزيد من التدقيق والتمحيص بدلاً من أن تأتي بوزراء من الخارج، مثل الدكتور “جميل” الذي أتت به من قطر، وقبل أن يتعرف على الموظفين بوزارة العدل، تمت إقالته أو الاستغناء عنه، نأمل ألا تكون في العجلة الندامة.