ولنا رأي

وتهاوى الدولار!!

صلاح حبيب

كتبنا في هذه الزاوية قبل توقيع الفرقاء الجنوبيين على الاتفاق النهائي بين الحكومة والمعارضة لانهاء حالة الحرب، كتبنا بأن هذا الاتفاق سيسهم في حل المشكلة الاقتصادية بين البلدين، وطلبنا من كل شخص لديه كميات من النقد الأجنبي (دولار، ريال) أو أي عُملة أجنبية أخرى أن يتخارج منها، لأن الاتفاق سيعيد ضخ البترول من جديد، وضخ البترول يعني توفير عُملات صعبة، خاصة الدولار، الذي يُعد الهاجس الأكبر للناس، مما جعل الكل يسعى للشراء والتخزين، لذا فإن ما بشرنا به فقد وقع، فالآن الدولار يتهاوى، بعد أن شكل صعوداً وصل إلى ما يقارب التسعة وأربعين جنيهاً أو وصل الخمسين، بسبب المضاربات، فالآن الدولار يتراجع بعد يومين فقط من التوقيع، وسيستمر إن شاء الله في التراجع إلى أن يصل إلى السعر الذي كان عليه قبل الانفصال، وهو ثلاثة جنيهات تقريباً، وربما يصل إلى جنيهين إذا تدفق النفط بكميات كبيرة، بالإضافة إلى زراعة العديد من المحاصيل الزراعية التي ترفع من قيمة الجنيه السوداني، فإن كانت الدولة لم تعمل حساب الفترة الماضية عند ضخ البترول وتصديره، فالآن يفترض أن تتعظ لما أصابها الآن من هلع وتدنٍ في العُملة، فتدفق البترول من جديد يعني تقوية قيمة الجنيه السوداني، بجانب الذهب الذي لم يوضع في الحسابات عند استخراج وتصدير البترول، فالآن أصبحت الميزانية تعتمد على البترول وعلى الذهب بجانب الزراعة من قطن وسمسم وفول وكركدي ومعظم الأصناف الزراعية التي تدخل إلى خزينة الدولة عُملات صعبة، فمعاناة الشعب السوداني الفترة الماضية نأمل أن تتحول إلى خير وبركة ونماء، فدولة الجنوب استقرارها يعني استقرار الشمال، فالاتفاق الذي وقع يخدم الطرفين، فالحدود التي كانت مغلقة بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت بعد الانفصال، الآن الاستقرار سيفتحها ويجعل التجار الشماليين يدفعون بتجارتهم إلى الجنوب، مع استيراد البضائع التي يحتاج إليها الشمال، إذن فالذين يعولون على الدولار في عملية المزايدات والمضاربات، عليهم أن يبحثوا عن وسيلة أخرى لزيادة أموالهم بالذهاب إلى الصين أو ماليزيا أو مصر أو أي دولة أخرى يمكنهم الاستيراد منها، لأن الدولار الذي كان سبباً في تدهور الاقتصاد السوداني الآن هناك عدد من المنتجات الأخرى التي تجعله أكثر استقراراً مما مضى، فالجنوب يعد من الدول التي بها من المنتجات الزراعية التي توفر الاستقرار إلى البلدين، ففتح المعابر فيه مصلحة للطرفين، فالأسماك والأخشاب وغيرها من المنتجات الغابية، تتوفر بكميات كبيرة فاستيرادها إلى الشمال يساعد دولة الجنوب أيضاً في استقرار اقتصاده الذي تدهور بسبب الحرب الأهلية التي شردت الآلاف من الإخوة الجنوبيين، فالآن وقف الحرب يسهم في جعل الإخوة الجنوبيين قوة منتجة، وهم أيضاً ذاقوا الحرمان، لذا فالطرفان في حاجة إلى بعضهما البعض، لينهضا من جديد، فكل عوامل النهضة والبناء والإعمار والتقدم متوفرة لديهما، أن كان على مستوى ما هو في أعلى الأرض أو في باطنها من بترول وذهب وحديد وغيرها من المنتجات التي لم تستغل حتى الآن، فنحن متفائلون أن الذي مضى لن يعود مرة أخرى، وتجربة رواندا هي الهادية إلى استقرار الدول الأفريقية التي عانت من ويلات الحروب والقبلية، فإن أراد الجنوب أن يكون أكثر أمناً واستقراراً وإعماراً، على القيادة فيه أن تنبذ القبلية والعصبية حتى تكون ضمن الدول المتقدمة.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية