عندما تستغيث كسلا
لن يتخيل أحدنا حجم الأضرار التي خلفتها السيول والأمطار بمدينة كسلا الوادعة بشرق السودان وأطرافها إذا لم يقف عليها بنفسه، وهذا ما حدث أمس ووالي الولاية الأستاذ “آدم جماع” وبعض أعضاء حكومته يطلعون الصحافيين على ذلك من خلال مؤتمر صحفي أفسح فيه المجال لطرح أي تساؤلات.
كعادة المنظمات سواء كانت إقليمية أو محلية أو غيرها دائماً ما تهب لنجدة المتضررين من أي كوارث بإرسال إغاثات عاجلة تتمثل في الأكل والشرب مع قليل من معينات الإيواء، وبالفعل يكون الناس أحوج ما يكونون لهذه المعينات، ولكن حال محلية كسلا وبعض المحليات بالولاية يختلف تماماً عن غيرها، إذ أن مسألة الأكل والشرب ليست هي بالهم الأكبر، فالمحنة لكل من يقف على الأوضاع عن قرب سيكتشف أنها لا تكمن في مسألة الأكل والشرب بل في السبيل لإنقاذ أولئك المتضررين الذين يقطنون في مجاري السيل ،لأن المنظمات المحلية قامت بالفعل بالواجب الإنساني المتمثل في توفير الأكل والشرب، ولكن التحدي يبقى فيما تجاوز إمكانيات الولاية من تدخل ومصير لهؤلاء المواطنين الذين مسحت السيول منازلهم، وغد مظلم ينتظرهم إذا لم يتم تدارك وضعهم وترحيلهم من موقع الخطر، ما حدث من خسائر في محلية كسلا لوحدها كبير والإحصائيات تشير إلى انهيار(1990)منزلاً انهياراً كلياً، بجانب تلك التي انهارت انهياراً جزئياً وهي بالطبع أكثر ، وهم أيضاً يحتاجون لإغاثة جراء الأوضاع التي يعيشونها ومن المهددات التي تحاصرهم من كل صوب.
حسنا فعل السيد الوالي “ادم جماع”، وهو يصدر قراراً بعد الكارثة عبر مجلس الوزراء يحظر فيه إعادة البناء في كل الأحياء التي تضررت من السيول والأمطار باعتبارها تقع في مجاري سيول، وحسناً أن قدم إلى الخرطوم واختار مجلس الولايات ليكون منصة لإطلاع الرأي العام والجهات المسؤولة على حجم الأضرار.
كسلا الآن بحاجة إلى إنقاذ مُدنها وإحيائها التي ما تزال مهددة والخريف لم ينته بعد والقاش يكشر عن أنيابه، كسلا تحتاج إلى جهد الرجال والنساء والشباب والمركز والمنظمات لأن ما ألأم بها يفوق إمكانيات الولاية ويتعداه إلى جهد المنظمات الإقليمية والدولية التي يتوجب عليها أن تحول إغاثتها إلى إعمار وبناء ينقذ حياة المواطنين مما هو آت في رحم الغيب، والله المستعان.