تشهد الخرطوم اليوم عهداً جديداً في تاريخها إذ بدأت بلم شمل الفرقاء الجنوبيين، بعد أن اتخذوا في ما قبل خيار الانفصال بمحض إرادتهم، ولكن لم تسر الأمور كما يشتهي الإخوة الجنوبيون فكانت الحرب الأهلية التي كادت أن تمحو دولة وليدة اسمها دولة الجنوب، فالآن وبفضل دولة الشمال التي قيل إنها سعدت بالانفصال ها هي تصحح الأخطاء أن كانت فعلاً كانت سعيدة به، فاليوم يُعد يوماً تاريخياً للقيادة في الشمال التي سعت وظلت تقوم بالاتصالات مع الفرقاء والمجتمع الدولي، على أن ينتهي الصراع بين الحكومة والمعارضة بدولة الجنوب، فاليوم سيكون الرئيس “سلفا كير” رئيس دولة الجنوب، والدكتور “رياك مشار” وقيادات جنوبية ورؤساء من الدول الأخرى شهود على هذا الاتفاق الذي لم يأتِ على طبق من ذهب بل راح ضحيته آلاف من أبناء الجنوب، وعشرات الآلاف الذين شردتهم الحرب إلى الدول المجاورة، فالخرطوم تزدان اليوم بمصابيح الفرح والأمل والرضا والقبول لتبدأ دولة الجنوب من جديد عهداً ومستقبلاً لها وللأبناء الذين كانوا يمنون النفس بالعيش الكريم في دولتهم الوليدة.. وسعادة السودان والمجتمع الدولي لن تكتمل إلا والفرحة قد ارتسمت على الشفاه العطشى إلى الحرية وإلى العيش في أمن وسلام، فقد عانى شعب الجنوب بسبب الحرب التي فرضت عليه أن كانت إبان وجودهم في الدولة الأم أم منفردين، إن التوقيع اليوم على الاتفاق النهائي بين الحكومة والمعارضة، سيبعث الأمل أيضاً في دولة الشمال التي تنتظر هذا العرس على أحر من الجمر، لأن استقرار الجنوب وإنهاء الحرب الأهلية فيه سيعيد للشمال جزءاً كبيراً مما فقده بسبب الانفصال، خاصة في المجال الاقتصادي الذي تدهور بسبب هذا الانفصال، فاستقرار الجنوب سيساعد على استئناف ضخ البترول من جديد، وهو الذي أكدته القيادة الجنوبية مع الشمال، وأمن الثاني من سبتمبر القادم سيبدأ الضخ عبر الأراضي الشمالية، وهذا سيدخل إلى الخزينة العامة ملايين من الدولارات التي ستعيد العافية للجنيه السوداني الذي فقد الكثير بسبب الانفصال، بل سيتيح للإخوة الجنوبيين الاستفادة من عائدات البترول في التنمية وإعادة ما خربته الحرب، إن دولة الجنوب تنتظر نهضة كبيرة خاصة وإنها مازالت أرضاً بكراً، فالمستثمرون يقفون على البوابات الرئيسية لها فما إن يتم التوقيع هذا، ستدخل الشركات العالمية إلى الجنوب من كل الأبواب في كافة المجالات الصناعية والزراعية بجانب الاستثمار في مجال الأخشاب فالجنوب تتوفر فيه كميات كبيرة من الأخشاب وهذا سيمنحها ثروة هائلة مما يساعد في عودة اللاجئين الذين شتتهم الحرب، إن دولة الجنوب إذا قيست بالثروات الموجودة فيها وعدد السكن نجد أن العدد قليل والثروات أكبر فإذا توفرت الإرادة الجنوبية وعملت القيادة على مساواة الجميع مساواة واحدة، فإننا سوف نشهد قريباً دولة بمواصفات عالمية، فلابد أن تعمل القيادة الجنوبية أولاً على وضع التعليم من أولوياتها لأن السبب الأساسي في نهضة الشعوب هذا التعليم، فالإخوة الجنوبيون بسبب الحرب والفقر والجهل تأخروا كثيراً، ولكن الآن الفرصة أكبر إلى إدخال التلاميذ إلى المؤسسات التعليمية مع إتاحة فرص البحث العلمي إلى الآخرين، فمن هنا تبدأ النهضة إذا تم نبذ القبلية والعنصرية وتساوى الجميع في الحقوق والواجبات، اليوم سيكتب التاريخ للشمال ولقياداته هذا الصنيع.. واليوم ستبدأ دولة الجنوب عهداً جديداً لطي صفحة من الحرب والدمار وفتح صفحة جديدة من الأمن والاستقرار والبناء والإعمار.