مروجو الإشاعات!!
وصلني أمس الأول في وقت مبكر من الأستاذ “عماد سيد أحمد” السكرتير الصحفي لرئيس الجمهورية، خبر يؤكد فيه أن السيد رئيس الجمهورية قد غادر مستشفى (الرياض) عند الثامنة صباحاً، بعد أن أجريت له عملية جراحية ناجحة، وسيخلد السيد الرئيس للراحة، ومن ثم استئناف برنامجه بلقاءات المسؤولين بالمملكة العربية السعودية.
لم تمضِ لحظات، فإذا بي أتلقى عدداً من الاتصالات من بعض الأشخاص يستفسرون عن إشاعة وفاة الرئيس، وآخرون يؤكدون أن معلومات وصلتهم من السعودية تؤكد الوفاة، وأن المستشفى الذي أجرى فيه العملية قد تمت محاصرته بالعربات العسكرية المصفحة، ومنع أي سوداني من الاقتراب من المستشفى، والبعض يؤكد أن هناك سرية تامة قد ضربت على الخبر إلى حين الإعلان الرسمي. على الرغم من أن الخبر الذي أرسله لي الأخ “عماد” كان أمامي، لكن أصبت بحالة من الخوف والفزع من تلك الإشاعة، فاتصلت بالأخ “عماد” لم يرد في بادئ الأمر، ثم عاد إليّ، فسألته مباشرة عن الخبر الذي بدأ يتناقله المواطنون عن صحة السيد الرئيس والأحاديث عن وفاته، قلت لـ”عماد” لابد أن يكون هناك اتصال سريع لنفي تلك الإشاعة عن طريق (التلفزيون) أو (سونا) أو غيرهما من وسائل الإعلام المختلفة، رد عليَّ قائلاً: (لقد وصلتنا الإشاعة، ولذلك حررت خبراً وأرسلته إلى التلفزيون والصحف والوكالة)، وواصل الأستاذ “عماد” حديثه معي قائلاً: (لقد أخبرت السيد النائب الأول من قبل بمثل تلك الإشاعات، كما أخبرت السيد الرئيس ومنذ عودته من (الدوحة) إبان إجراء العملية الأولى له، أخبرته لابد من خبر حتى لا تسري الإشاعات، فقال: (أصحاب الإشاعات أدخلوني المستشفى وأخرجوني منها وعرسوا لي كمان).
إن الإشاعة تسري في المجتمع كما تسري النار في الهشيم، لا ندري من الذي روج تلك الإشاعة، ومن المستفيد منها، وهل هناك شماتة في الموت، ولماذا يستعجل أولئك موت الرئيس؟ وهل إذا مات سيتربعون على كرسي السلطة، أم أنها محاولة لأضعاف النفوس، وخلق نوع من (البلبلة) في وسط المجتمع؟!
إن مروجي الإشاعات كثر، وتجد حظها عند ضعاف النفوس والعاطلين.
لا أعتقد أن هناك شخصاً يشمت في موت أحد، لأن الأعمار بيد الله، ومنذ أن خلق الله الإنسان حدد له اليوم الذي سيقبض فيه روحه، ولا أحد يستطيع أن يزيد من عمره أو يقلل منه، فإذا جاءت الساعة، فالمولى يأخذ تلك الأمانة، ولذلك فإن الذين يتمنون موت الآخرين ضعيفو الإيمان، فكم من سليم مات وكم من عليل شُفي وعاش لعشرات السنين، والأمثلة كثيرة عن حالات الوفاة كالشخص الذي نام، وعندما حاول أهله إيقاظه في الصباح وجدوه جثة هامدة، وكم من رجل أكل وشرب مع أهله وفجأة يأتيهم خبر وفاته بعد مغادرته لهم بساعات، وما شهداء طائرة (تلودي) في عيد الفطر المبارك الماضي ببعيدة، لقد ودع الشهداء أهلهم ولم يتوقعوا أن يتوفوا بتحطم الطائرة في سماء (تلودي).
متعك الله السيد الرئيس بالصحة والعافية.