ولنا رأي

من أين أتى هذا الفتى؟!

صلاح حبيب

لم يتوقع أحد أن تغلق كل الملفات الساخنة في المنطقة الأفريقية بهذه السهولة، فرئيس وزراء إثيوبيا الجديد “أبي أحمد”، لمع نجمه في الأيام الماضية عندما تسلم زمام الأمر بدولته، وكانت أولى المشاكل التي لم تحسم ملف سد النهضة، ولكن بحنكته استطاع أن يلين مواقف الإخوة المصريين بعد عمليات الشد والجذب في كل جولة من المفاوضات، ومن ثم سجل زيارة إلى الخرطوم وجلس مع القيادة فيها أزال كثيراً من الشكوك، رغم أن العلاقة بين الطرفين لم تشوبها شائبة ما قبل مجيئه، فظل الفتى “أبي” الذي لم يبلغ الأربعين من عمره كأصغر رئيس وزراء في المنطقة، يعمل بجد واجتهاد في إعادة استقرار المنطقة، التي كادت أن تعصف بها الحروب والصراعات غير المبررة، فها هو الآن يطوي أصعب ملف بالنسبة لإثيوبيا ألا وهو ملف العلاقات بين دولته والجارة اريتريا التي خاضت الدولتان صراعات وحرب طاحنة فيما بينهما، فقد استطاع أن يحطم كل الحواجز والمخاوف، فذهب إلى اريتريا يمد لها يداً بيضاء من أجل الاستقرار وعودة الحياة إلى طبيعتها بين الدولتين، والتقى رئيسها “أسياسِ أفورقي” بعد فترة من القطيعة واستأنفت الرحلات الجوية، فأين كان هذا الفتى طوال تلك الفترة التي عجز الكبار في إعادة الحياة إلى المنطقة، ظللنا نتحدث أن الكبار هم حلالي المشاكل، وكما يقول أهلنا: (الما عنده كبير يشتري ليه كبير)، ولكن يبدو أن الحياة تغيرت والمفاهيم كذلك تغيرت، فأصبح الصغار هم أمل الشعوب، والعالم كله الآن يتجه إلى إشراك الشباب في السُلطة بعد أن تسلحوا بالعلم والمعرفة والتجربة، فشباب بدون خبرة أو تجربة لن يستطيعوا أن يقوموا بما قام به رئيس وزراء إثيوبيا “أبي أحمد”، فهل كان يصدق “أفورقي” أن تعود العلاقات بينه والجارة إثيوبيا بعد تلك المعارك الطاحنة والاستعدادات المستمرة لخوض الحرب في أي لحظة.. “فأبي” خلال فترة وجيزة أعاد العلاقات بينه واريتريا، وها هو “أفورقي” تحط طائرته في أرض إثيوبيا بعد فترة من القطيعة.. وبدا مباحثات تناولت كثيراً من القضايا المشتركة بينهم، لقد فتح “أبي” صفحة جديدة من العلاقات بين دول المنطقة ابتداءً من مصر والسودان واريتريا ومن ثم الصومال التي عاشت فترة من الحرب بين قادتها حتى كادت أن تتلاشى الدولة من عمليات الصراع والحرب، فالمنطقة الأفريقية موعودة بنهضة كبيرة خاصة وإنها تمتلك الموارد التي تجعلها في مقدمة الدول، فسد النهضة الذي شارف على الانتهاء ستعم فائدته إلى مصر والسودان وإثيوبيا، بعد أن يتم تنظيم انسياب المياه إليهما ثم تزويدهم بالكهرباء التي تسهم في الصناعة ونعلم أن السودان يحتاج إلى كمية كبيرة من الكهرباء لتنفيذ مشاريعه الزراعية أو الصناعية، لذا فإن سد النهضة سيوفر له أكبر قدر من الكهرباء إضافة إلى جريان الماء في معظم أراضيه بهدوء مع زراعة معظمها بعد أن توفر لها الماء طوال العام، أن رئيس وزراء إثيوبيا يخطو الآن خطوات ثابتة في إعادة استقرار المنطقة من خلال هذا الحراك الإيجابي مع كل رؤساء ومسؤولي المنطقة الأفريقية فاستقرار المنطقة فيه فتح كبير لعملية التنمية والنهضة.. والمستقبل لأفريقيا إذا كان هناك أكثر من “أبي” في كل دولة.

 

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية