مساء أمس الأول وعلى غير العادة كانت الشوارع فاضية جداً، ولا يوجد أي زحام للمركبات ولا صفوف فى محطات الخدمة، تعجبت وقلت فى نفسي هل رشة المطرة البسيطة دى جعلت الناس (تلزم بيوته)، ولكن علمت أن هناك مباراة بين ريال مدريد الإسباني وليفر بول الإنجليزى فى نهائى أبطال أوربا، قلت وهل مباراة بهذا المستوى تجعل كل الطرقات فاضية بهذا المستوى، ولكن قطع حديثى أحد الإخوة قائلاً إن السودانيين أصبحوا مرضانين بالكرة الأوربية أكثر من الكرة المحلية، وحتى أصغر طفل في السودان الآن يمكنه أن (يسمِّع) لك كل أفراد الفرق الأوربية، تدنى مستوى الرياضة بالبلاد جعلني أحيانا لا أهتم كثيراً بما يجري في محيطها لا بالداخل أو الخارج، ولذلك أجد العذر للشباب والعجائز الذين يتابعون الرياضة بهذا المستوى لدرجة الهوس، وسالت نفسى هل يمكن أن تخلو الشوارع من المارة إذا كانت المباراة بين فرق سودانية وأجنبية، هل يمكن أن يكون التشجيع للأجنبي بنفس المستوى للرياضة المحلية، إن الرياضة فى السودان لن ينصلح حالها ما لم ينفك المشجعون من الولاء والتعصب لفريق واحد، فالفريق القومي السوداني الذي خسر التأهل الى كأس العالم أو البطولة الإفريقية ما أضر به إلا الولاء للنادي والتعصب إليه ..حزنت بعد أن عرفت أن اللاعب المصرى محمد صلاح قد أصيب فى بداية المباراة وخرج بالإصابة التي أفقدت المصريين والعرب لاعباً مثله، وهو وجه مشرف للكرة المصرية والعربية، إضافة إلى تمسكه بدينه الذى حبب الكثيرين من الأوربيين فى الدين الإسلامي، المشجع السوداني هرب إلى تشجيع الكرة الأوربية لما أحس أن الرياضة في السودان لا تستحق كل هذه الضجة، لأن اللاعب السوداني نفسه مازال فى محطة المحلية ولم يطور نفسه كما فعل اللاعب محمد صلاح أو غيره من اللاعبين العرب أو الأفارقة الذين تتكالب عليهم فرقنا المحلية، بل تعمل على تجنيسهم، فاللاعب السوداني ما أن يصبح نجماً لا يعلم أن النجومية لابد أن يحافظ عليها بالأداء الجيد والمواظبة على التمارين وعدم السهر والتغذية الممتازة، ولكن (الافترا) يبعده تماماً من الميادين بعد سنة أو أقل من ذلك، لأن الرياضة لن تعطيك ما لم تعمل لها بجد وإخلاص، لذا لا يوجد محترف سوداني في صفوف الفرق العربية أو الأوربية، فاللاعب محلي ولا يطور من إمكانياته حتى يقنع الآخرين لما لديه من إمكانيات، فكم من لاعب احترف فى صفوف أحد الفرق العربية إلا وعاد بعد عام، لأنه لم يقنع تلك الجهة بأدائه المميز، لذا فإن هروب السودانيين إلى الكرة الأوربية والعمل على تشجيع فرقها لأن المتفرج يجد متعة من قبل تلك الأندية وهى تقدم فناً رياضياً راقياً أجبرهم على مواصلة التشجيع لهم، وها هو كأس العالم على الأبواب وستكون المتعة أكبر من خلال الفرق المشاركة، خاصة وأن العرب لهم أكثر من فريق مشارك في المونديال الذي ينتظره محبو الرياضة بفارق الصبر، فالمتعة الحقيقية في هذا المونديال في مباريات البرازيل وألمانيا وإسبانيا والأرجنتين وهولندا، وحتى الفرق الأفريقية نيجيريا والسنغال ويوغندا وكل الفرق التى وصلت للمشاركة فيه تجعل المواطن يعد الايام والليالى والدقائق لمشاهدة سحرة الكرة من العرب أو الأفارقة أو الأوربيين.. فلا أدري ألم يشاهد اللاعب السوداني كيف يتلاعب أولئك بالكرة؟ ألم يكن لهم طموح للوصول إلى تلك المشاركات؟ عموماً مبروك للريال الفوز لثلاثة عشرة مرة ونأمل أن نشاهد كأس العالم وقد رضى علينا أهل الفضائيات بفتحها للغلابى.
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
شاهد أيضاً
إغلاق