ماذا يستفيد السودان من سد النهضة؟
شهدت الفترات السابقة من اجتماعات سد النهضة بين الدول الثلاث السودان ومصر وإثيوبيا عمليات شد وجذب حول حصة المياه خاصة الجانب المصري الذي كان أكثر الدول خوفاً على ضياع حصته من المياه على الرغم من أن السودان الدولة الوحيدة التي لم تستفد من حصتها من المياه إذ إن كثيراً من المليارات المكعبة كانت تذهب إلى الجانب المصري ورغماً عن ذلك لم يتخوف السودان من بناء السد، كثير من أبناء السودان أو المواطن البسيط يسأل نفسه ما الفائدة التي يجنيها السودان من بناء سد النهضة؟ وهذا السؤال مشروع لأي شخص، ولكن لن يفهم أحد تلك الفائدة إلا إذا جلست مع أهل الخبرة والمعرفة والدراية، بالأمس جمعتنا جلسة طيبة مع الباشمهندس “معتز موسى” وزير الموارد المائية والكهرباء وهو المسؤول عن هذا الملف خلال السنوات الماضية ومازال ممسكاً بكل صغيرة وكبيرة فيه، فحديثه يختلف عن حديث أي شخص يتحدث بدون معلومات أو ظل لفترة من الزمن في طاولات التفاوض، فالباشمهندس “معتز” يملك الكثير من المعلومات وناطح وزراء كثر في هذا الجانب ولذلك أصبح محصناً بمعلوماته وبخبرته وحواراته مع الأطراف الأخرى من التفاوض، فالسودان حباه المولى بموقع يحسد عليه من حيث المساحة ومن حيث الموقع المتوسط بين الطرفين والهدوء الذي يتمتع به ساسته أو فنيوه في عمليات التفاوض، فالسودان سيستفيد من سد النهضة في تنظيم حصته التي كانت تذهب هدراً، إضافة إلى توفر المياه في مجراه وأرضه طوال العام، وهذه ميزة لم تكن متوفرة إذا لم يقم سد النهضة وحتى الذين يتخوفون من انهيار السد، فإن تلك المعلومة ربما بثتها بعض الجهات لإحداث الخوف والرعب في قلوب المواطنين، فالسد لن ينهار حتى ولو قذف بالديناميت أو المتفجرات الأخرى. الباشمهندس “معتز” مفوض من الدرجة الأولى وقد استمعنا إليه حول كيف تدار مفاوضات السد وكيف تم التغلب على الإشكالات التي اعترضتهم في بداية التفاوض فأحسسنا أن المسؤول السوداني يمتلك الكثير من المعلومات، إضافة إلى الخبرة بجانب الاعتداد بالنفس وربما كل ذلك لم يتوفر لدى الكثيرين في الجانب الآخر، فالسودان امتص كل الصدمات وعمل وفق إستراتيجية ساعدته في العبور إلى المحطات الأخرى، وحتى تخوف الإخوة المصريين من قيام السد استطاع السودان أن يمتص تلك المخاوف من أجل المصلحة المشتركة بين الدول الثلاث، لقد شعرت بالفخر وأنا استمع إليه وعن المعلومات الغزيرة التي يمتلكها وكيف تم توظيفها من أجل المصلحة المشتركة بل بدد كل المخاوف السابقة مما جعل هناك رضا تاماً بين كل الأطراف وكل الجلسات التي شارك فيها كانت من أجل المصلحة العامة، وقد أحسسنا ذلك من خلال حديثه المبسط والمشبع بكثير من المعلومات، وأكد لنا أن كل من يتحدث عن السد بدون معلومات فهو خارج الحلبة، وأن السد مضى ولن يتوقف أبداً وأصبح واقعاً، وأن الإخوة الإثيوبيين بذلوا في إقامته الكثير من الخبرة الفنية وصرف فيه الكثير من المال، وقال في حديثه لنا خاصة الذين يتخوفون من الوجود الإسرائيلي أو الهيمنة عليه أو على الإخوة الإثيوبيين بعد تولي دفة الحُكم في إثيوبيا رئيس مسلم، قال إن الرئيس الجديد أول دولة اتصل عليها فيما يتعلق بقيام السد هو السودان، وهذا يؤكد أهمية السودان لدى الإخوة الإثيوبيين ولكن هذا ليس ضد مصر ولكن السودان يعمل من خلال المصالح عموماً لقد تأكد أن المسؤول السوداني إذا تخصص في مجاله ففيه منفعة لهذا الوطن، واعتقد أن الباشمهندس الآن يسير في اتجاه مصالح السودان وليس فيها انحياز لأي طرف من الأطراف وهذه محمدة لأبناء هذا الوطن.