لاحديث هذه الأيام إلا عن الفساد !!
سيطر الحديث هذه الأيام عن الفساد الذي فرض عليه حصار كبير من قبل الدولة في الفترة الماضية، بعد أن طلب من الصحافة عدم التعرض إلى مسألة الفساد إلا عبر الدليل، ولكن لا ندري ما هو السر الذي جعل الدولة كلها الآن تتحدث عن الفساد ومطالبة معاقبة المفسدين وتقديمهم إلى المحاكم، لقد ظل السيد الرئيس في كل خطاباته يتحدث عن هذا الداء اللعين الذى سيطر على مفاصل الدولة والمجتمع، السيد الرئيس في خطابه أمس الأول بولاية النيل الأبيض، قال (أي شخص أكل مال الشعب بنطلعو من عينو) وقبل فترة وصف سارقي مال الشعب بـ(القطط السمان) وهو حديث لم يتعود الشعب عليه طوال الفترة الماضية، ورغم التنبيه الذى تناولته الصحف عن تفشي الفساد، إلا أن الفساد أضر بالدولة وأكل من جسدها حتى أرهقها وصعب عليها حمله، ولذلك أصبح الحديث علناً بعد أن كان سراً أو همساً، فالدولة وفي أعلى قمتها الآن تطالب بمعاقبة المفسدين، ولكن كيف تتم المحاسبة والعقاب إذا أخذ القانون بالبينة على الإدعاء؟ كيف يثبت الناس هذا الفساد وهل يصبح ما أثير ما هو إلا ضجة زحمت المجتمع وراحت؟ أم أن الدولة ستكون جادة للقبض على صغار الموظفين الذين اغتنوا بين يوم وليلة، كيف لموظف لا تتعدى ماهيته بضع آلاف من الجنيهات وهو يمتلك عشرات السيارات الفارهة والعمارات ناطحات السحاب، كيف بموظف صغير لم يتجاوز عمره العشرينات وهو يمتلك كل هذا الأسطول من الشركات والأموال الطائلة بالبنوك الداخلية والخارجية، كيف بموظف انتهت فترة خدمته بالدولة سواء انتهت بالمعاش أو الإقالة وبين عشية وضحاها أصبح يمتلك عدداً كبيراً من العقارات والمحال التجارية، فهل يعقل أن تنفتح ليلة القدر لأولئك الأشخاص، بينما تغلق على الآخرين، هناك أصحاب الشهادات العليا والخبرات الطويلة، وانتهت فترة عملهم فى الدولة، ولم يكن لهم بيت يأويهم بعد تلك السنين الطويلة التى قضوها فى خدمة الوطن، فهل يعقل أن تبيض هذه الدجاجة لشخص لا يجيد القراءة والكتابة ويمتلك كل هذا المال، بينما الذى أمضى كل حياته بين الورق لا يعرف كيف يعيش، إن دعوة السيد الرئيس التي ظل يكررها يومياً بمحاسبة آكلى قوت الشعب وتقديمهم إلى المحاسبة، فإن لم يقدموا فإن بقية الشعب سوف يتحولون إلى لصوص طالما الدولة لم تعاقب اللصوص والحرامية..إن مشكلة الدولة تبدأ عملاً رائعاً يصب فى المصلحة العامة، ولكنها تهزمها بالتراجع دون أي مبررات، أو عدم السير إلى النهاية، وهذا يشجع الآخرين على السير فى الطريق المعوج، الذي قامت به تلك الفئة أو أصابتهم بالإحباط وعدم التصديق لأي فعل أو حديث يصدر من الدولة، فإن كانت الدولة جادة فى تطبيق القانون على آكلى مال الشعب عليها البيان بالعمل، بمعنى أن تقدم أي شخص ثبتت تهمته أو تورطه فى مد يده إلى المال العام أو أثرى بواسطة مهنته، أو استغل نفوذه أو إدَّعى أن الدولة ملكه، كما كان يقول البعض إن الانقاذ حقتنا نعمل فيها ما نشاء، نحن الآن فى انتظار قرارات حاسمة من السيد رئيس الجمهورية عن القطط السمان التي اتهمها بالفساد حتى يكونوا عظة وعبرة للآخرين، وإلا على الدنيا السلام.