الما قرأ في الرياض الثورة ما قرأ!!
لم تكن هي المرة الأولى التي أدخل فيها مدرسة الرياض الثورة، ولم تكن هي المرة الأولى التي التقي إدارتها، ولكن الجديد في كل زيارة أنها تختلف عن كل زيارة بالأمس زرتها ولم أخف إعجابي لمديرها الهمام الأستاذ والمربي الفاضل “أزهري محمد عمر” الذي وهب نفسه تماماً لهذا الصرح التعليمي منذ أكثر من سبعة عشر عاماً عندما كانت المدرسة أرضاً يحيط بها القش والعشر. اليوم مدرسة الرياض يفاخر كل تلميذ ينتمي إليها، ويفاخر كل أب وكل أم وكل ولي أمر تلميذ أن ابنه منتسب لهذا الصرح العملاق الذي فاق كل المؤسسات التعليمية والتربوية.
إن مدرسة الرياض الثورة التي زرتها بالأمس وتجولت مع مديرها عبارة عن لوحة رائعة أبدع فنان في تنسيقها وتنظيمها، الفصول منظمة وهادئة والتلاميذ داخل الفصول في غاية الانضباط يتابعون الأساتذة بكل أحاسيسهم وجوارحهم لم يتسلل الفضول إليهم لمعرفة من هذا الزائر الذي جاء يتفقد المدرسة.
أحصيت عدد مبردات المياه، وجدتها فاقت العشرة تقريباً موزعة بكل نظام، ووجدت صالة للكرة الطائرة مزينة بالألوان المختلفة، وممرات بين كل الفصول جرى رصفها بتنسيق تام وساقية تجر النم في مدخل البوابة الرئيسية، أبدع فنان مجيد في صناعتها وهي تعكس تراث هذه الأمة، وأماكن لجلوس الطلاب عند فسحة الفطور أو للانتظار عند نهاية الدوام قبل مجيء الترحيل. كما لاحظت اختفاء (ستات النبق والدوم والتبش والشبس والفول والترمس والكبكبي) وكل أنواع الطعام الذي تأتي به البائعات أو البائعون للمدرسة، وهذا مظهر قل أن تجده عند بوابات المدارس المنتشرة بالولاية بل حتى الجامعات.
فإدارة المدرسة ولحرصها على سلامة أبنائنا التلاميذ منعت تقريباً كل أولئك البائعين من الاقتراب من سور المدرسة أو البيئة المحيطة بها، لذلك يطمئن كل أب وكل أم أن أبناءهم سيعودون إليهم سالمين معافين من (اللغاويث) التي تباع أمام بوابات المدارس.
لفت نظري مدخلان جديدان بالمدرسة، أحدهما على البوابة الشمالية والثاني على البوابة الغربية، وهما يحميان مدخل المدرسة ويحفظانها برع حداد ماهر في صناعتها.
كل عمل منظم ومنضبط لابد له من إدارة قابضة تصونه وتحفظه وهذا نفقده في كل مؤسساتنا التعليمية أو الصحية أو حتى الوزارية، والنجاح ليس من السهل تحقيقه، فلابد أن تكون من ورائه قوة دفع قوية، وقوة دفع الرياض الثورة الأستاذ العظيم – والعظمة لله -“أزهري محمد عمر” وكل طاقم المدرسة من معلمين ومعلمات ومشرفين ومشرفات ومجلس آباء وأصدقاء المدرسة وكل الذين يقفون إلى جوارها ويتابعونها ويقدمون لها العون والمساعدة.
إن مدرسة الرياض الثورة أنموذج من نماذج المدارس الحكومية بولاية الخرطوم والتي ارتفع شأنها بإدارتها الحكيمة التي وهبت نفسها تماماً من أجل أن تخرج لنا أجيالاً نفاخر ويفتخر بهم الوطن. لقد ظلت الرياض الثورة من المدارس المتفوقة سنوياً وعلى مدى الثمانية عشر عاماً لم تخرج من الثلاثة الأوائل، ولولا هذه الكوكبة النيرة ما كانت لها أن تبلغ هذا الشأن. لقد وهب الأساتذة أنفسهم لهؤلاء التلاميذ وكل ما يتحصل عليه التلاميذ من درجات تفوق كانت بجهد هؤلاء الأساتذة الذين أراحوا الآباء والأمهات من الدروس الخصوصية، نسأل الله أن يكتب كل ذلك في ميزان حسناتهم، فيا ليت وجد السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية والسيد النائب الدكتور “الحاج آدم” والسيد وزير التربية الاتحادي والولائي، ليتهم وجدوا فرصة لتسجيل زيارة لهذه المدرسة، للوقوف على الجهود التي قامت بها إدارة المدرسة، مقدمة أنموذجاً للمدارس الحكومية مع تعميم التجربة على كل مدارس الولاية، ليعود للمدارس الحكومية ألقها ورونقها، ولتعود للتعليم الحكومي مكانته التي اهتزت بعد انتشار المدارس الخاصة وهجر الكوادر التعليمية لها بسبب الظروف الاقتصادية، ونأمل أن تلتفت رئاسة الجمهورية وإدارات التعليم للمعلمين والأخذ بيدهم ورفع مرتباتهم لأنهم هم الذين يقدمون لنا جيلاً صالحاً يرفع ويعلي من شأن الوطن، كما نأمل أن تكرم رئاسة الجمهورية الأستاذ “أزهري محمد عمر” مدير مدرسة الرياض الثورة وكل طاقم المدرسة الذي ظل صامداً أمام كل التحديات ليقدم أنموذجاً للمدارس الناجحة والمتفوقة.