هل حقيقة الدولار انخفض؟!
بعد أن وقعت الاتفاقيات التسع بين حكومة الشمال والجنوب سرى في كل الأوساط أن الدولار قد انخفض بنسبة معقولة، وقد اختفى تجار العملة أو أحجموا عن عمليات البيع أو الشراء حتى ترسو المركب على بر الأمان.
إن انخفاض الدولار لن يكون بالأماني فقط أو بالأحاديث الناعمة واللطيفة، ولكن انخفاض الدولار له مبررات وأسباب، أولها توفر العملة أولاً لدى بنك السودان، ثانيها زيادة كمياتها من الخارج كالمغتربين أو الذين مازالوا يحتفظون بها في خزائنهم، فإن توفرت العملة الحرة وبكميات كبيرة بالتأكيد سيكون لها أثر إيجابي على الدولة والمواطن، ولكن يُشاع في كل الأوساط أن العملة قد انخفضت دون أن تكون هناك كميات كبيرة من العملة نزلت السوق، فهذه أماني.. فالعملة سوف تنخفض، ولكن متى؟ هذا سيقرره ضخ البترول من جديد عبر أنابيب الشمال، ومن ثم إلى الموانئ العالمية التي بالتأكيد سوف توفر لنا عملة حرة يستفيد منها الشمال والجنوب في آن واحد، وهذا لن يتأتى إلا بعد شهرين على أقل تقدير؛ لأن استئناف عمليات الضخ لن يكون بين ليلة وضحاها، فهذا يحتاج إلى معالجات للنفط السابق الذي تجمد داخل الأنابيب؛ مما يحتاج إلى مادة تزيل تجميده، وعلى الأقل نحتاج إلى أسبوعين تقريباً.. لأن تسخين الأنابيب ومن ثم انسياب النفط ليس أمراً سهلاً.
على الرغم من فرح المواطن بالاتفاقيات التي وقعت وخرج مهللاً ومبكراً ومستبشراً بها، ولكن مازال هناك غموض يحتاج إلى فك طلاسم تلك الاتفاقيات، خاصة الترتيبات الأمنية التي مازال المواطن يحتاج إلى توضيح من أعضاء الوفد المفاوض.. فتوقيع الاتفاقية وحده لا يكفي، لابد أن تكون هناك جلسات وورش وندوات ومقابلات صحفية مع أعضاء الوفد؛ لتوضيح أكثر لتلك الاتفاقيات؛ حتى يطمئن قلب المواطن المسكين الذي فرح، ولا يدري ما الذي أفرحه.
وزير الدفاع “عبد الرحيم محمد حسين”، قال إن هذه الاتفاقيات تحتاج إلى دعم كبير من الإعلام بالتبشير بها، ولكن الإعلام وحده لا يكفي، فلابد أن يزود الإعلام بكثير من المعلومات التي مازال يحتفظ بها معظم أعضاء الوفد، والكتابات الإنشائية التي نمارسها يومياً جميلة ولطيفة، ولكن إذا لم تزود بالمعلومات للشرح والتفسير لن تنفع، نريد أن يخرج الفريق أول “عبد الرحيم محمد حسين” وزير الدفاع والدكتور “مطرف صديق” سفير السودان بجوبا والأستاذ “إدريس عبد القادر”، وكل الأعضاء المشاركين في مفاوضات أديس أبابا، التي أفضت على تلك الاتفاقيات ليقدموا لنا شرحاً كاملاً لما احتوته تلك الاتفاقيات، خاصة فيما يتعلق بالعمليات التجارية بين البلدين، ومتى سيتم استئناف ضخ البترول والناحية الأمنية والحريات الأربع، ومتى سيتم تنفيذها، وما هي الضمانات لكل تلك الاتفاقيات!!.
حقيقة غمرت المواطن سعادة كبيرة بتوقيع تلك الاتفاقيات، ولكنه مستعجل النتائج، ويخشى الانتكاسة؛ لذا يحتاج المواطن إلى تطمينات من أعضاء الوفد مع الشرح الكامل والكافي لكل الاتفاقيات.