أثارت انتباهي معلومة مهمة لها ما بعدها وردت في الحوار الصحفي الذي أجرته (المجهر السياسي) بتاريخ 27 فبراير 2018م، مع الدكتور “أحمد بلال” الأمين العام المكلف للاتحادي الأصل، والتي جاءت حرفياً (بأن الدكتور “جلال الدقير” ليست لديه الرغبة في أن يكون رئيساً للاتحادي الديمقراطي في المستقبل).. من الواضح أن هذه المعلومة اللافتة تحمل مقومات الصدمة الخاطفة، حيث جاءت على قالب مباغت أو ما يكون قالباً مبرمجاً، وهي تمثل رسالة ذات معنى في وجه الشريحة الكبيرة بالحزب التي تراهن على عودة “جلال الدقير” إلى الخرطوم.. في ميقات المؤتمر العام للاتحادي المسجل بأن يكون الرجل رئيساً للحزب من خلال معطيات سياسية ومعنوية وعاطفية، سيما وأن استقالته ما زالت معلقة في الهواء، فهي لم تقبل ولم تنزل في المكان الصحيح باعتراف الدكتور “بلال” نفسه، فضلاً عن ذلك فإن إطلاق مثل هذه المعلومة الإستراتيجية من الدكتور “بلال” تعني عبوره إلى مرحلة وضع النقاط فوق الحروف حول مصير الأمين العام المستقيل في الحزب (إما أن “بلال” يؤكد زهد “جلال” في الرئاسة من خلال معلومة يقينية.. أو أن الأمين العام المكلف لديه طموحات في الموقع الرئاسي، بالإضافة إلى أنه يريد أن يقرأ في الشاشة رد الفعل على القنبلة الهيدروجينية التي رماها في ذلك الحوار الصحفي).
الشاهد أن هنالك صراعاً مكتوماً حول صورة هيكلة الحزب عند قيام المؤتمر العام، حول الرئاسة والمسارات الأخرى.. من يكون الرئيس ونوابه، ومن هو الأمين العام وما هو شكل الصلاحيات والسلطات في البلاط الحزبي؟.. فهنالك من يقدم “جلال الدقير” من خلال الفاتورة القديمة مع مجهوداته في السنوات الطويلة، وكيف أنه يمثل قيادة كاريزمية تتحكم في الخيوط وتدلق الأوكسجين في جسد الحزب، وتخلق ميزان التوازن فيه.. بينما يوجد من يشجع “أحمد بلال” على التطلع للرئاسة، بحجة تحمله للمسؤولية الضخمة في الوقت العصيب، وقدرته على اجتياز المحطات القاسية على باحة الحزب من مؤتمرات مكثفة ومقابلة عقلانية للمدافع المضادة وتسوية العديد من الإشكاليات.. من المؤكد أن الاتحادي الديمقراطي تنظيمياً وتماسكاً يعتبر من أفضل الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة الحالية، لكنه ما زال يحتاج إلى فك طلاسم مضامين المؤتمر العام المرتقب، وتفادي الخطوب الزاحفة عليه.. علاوة على ذلك هنالك غموض حول موقف “جلال” من الانخراط في الحزب والترشح للرئاسة، أو الزهد في ذلك، يضاف إلى ذلك تحسبات أنصار “جلال” في وضع السيناريو المعد لظهوره في ميقات المؤتمر العام المرتقب، وفي ثنايا ذلك توجد ملامح الدكتور “بلال” في الصدارة على مستوى المشهد الحزبي والساحة السودانية.
لا بد من القول إن هيكلة المواقع القيادية في مؤتمر الاتحادي الديمقراطي القادم.. تمثل قضية محورية عاتية، تحمل دلالات التنافس الشرس والسيناريوهات الشاقة.. كيف يمكن لهؤلاء تفادي السقوط في الوحل؟.. وكيف يمكن خلق التجانس العاقل الذي يؤكد عظمة الاتحاديين في تدارك ويلات المخاطر والبلايا والعبور الذكي إلى بر الأمان في اللحظة التاريخية.
على منصة المؤتمر العام المرتقب بالاتحادي الديمقراطي.. من يكون الرئيس القادم؟.. ومن يكون الأمين العام المرتقب؟ وكيف ينتهي السيناريو الملحمي العصيب والجميل في آن واحد؟