قرار حل المكتب التنفيذي للاتحاد التعاوني القومي من قبل لجنة تفكيك نظام 30 يونيو 1989م، لم يكن خطوة حصيفة وذكية تتماشى مع شعارات (قحت) التي ملأت بها الأرض، وهي تتحدث عن (الحرية والسلام والعدالة)، بل وجود لجنة مكونة من قوى الحرية تدير المال التعاوني الأهلي في الاتحاد التعاوني القومي، وتتحكم في معينات عمله، هي مثابة قنبلة موقوتة، ربما تؤدي إلى مواجهة بين حكومة “حمدوك” والمجتمع الدولي ممثلاً في المنظمات الإقليمية التي لها علاقة بالتعاونيات، مثل الحلف التعاوني الدولي، والاتحاد التعاوني العربي والأفريقي، والمنظمات الأوروبية والأمريكية ذات الصلة، فالشاهد أن التعاونيات والرياضة لهما حصانة دولية من التدخل الحكومي في أعمالهما.. الحركة التعاونية السودانية لم تجد المساندة من نظام الإنقاذ، حيث صار دورها ضعيفاً وغير مؤثر في التنمية الاقتصادية والحياتية، فإذا بحكومة (قحت) التي تفاءل بها الكثيرون يصبح إيقاعها على التعاونيات أكثر إيلاماً من الإنقاذ.. ما هذا الحظ السيئ الذي يقع فيه التعاون؟ فقد جاء “الطيب سيخة” يحاكم التعاون على أساس أنه نظرية شيوعية، والآن جاءت (قحت) تحاكم التعاون على أساس أنه بوتقة كيزان.. أهلية وحيادية التعاون مسألة مثبتة على مر التاريخ في منضدة الثقافة والأخلاق والقيم الدولية سيما الأمم المتحدة، ولا تتدخل الأنظمة حتى لو كانت شمولية في شؤون التعاونيات، حتى أن مسجل الجمعيات لا يتدخل في التعاون، إلا في حالة الضرورة كمحكم يعمل على إصلاح الاعوجاج بحكم القانون ورأي الجمعية العمومية، علاوة على ذلك فإن أعظم ما في التعاون هو نظامه المحاسبي القدير الذي لا يسمح بوجود الفساد والسرقة.. إذا حاولنا التنقيب في الاتحاد التعاوني القومي نجد أن الإنقاذ لم تكن راضية عنه، ولم تقدم له شيئاً، وأمامنا مقره المتهالك وعرباته وأثاثاته القديمة البالية، بل ظل الاتحاد التعاوني القومي مؤسسة فقيرة، الشيء الذي جعلهم يعتمدون على الإيجارات في تسيير عملهم ومهامهم، وكان البعض يضحك عندما يرى (تيم) المراجعة يعمل بانتظام في الاتحاد، حيث يبقى السؤال أين هو المال الذي يخضع للمراجعة؟.. وليس سراً أن “شيخ الدرديري عمر المنصور” رئيس الاتحاد رغم انتمائه للحركة الإسلامية كان تعاونياً مخلصاً، ولم يكن على وفاق مع جماعة الإنقاذ، واختلف معهم بسبب موقفهم من التعاون، حيث رفض اختطاف بنك النيل من التعاون، ووقف ضد فصل التعاونيات لليساريين من العمل في بداية الإنقاذ، بل فتح لهم مجالات التنسيق والتعاون وباب التشاور مع الاتحاد بشهادتهم جميعاً، وكذلك كان السكرتير “زاكي الدين بلال” شعلة تحترق من أجل التعاون، بل كان الرجل في أوج مرضه لا يغيب عن خدمة أهداف التعاون.. من منطلق الصدق وإرضاء الضمير نقول إن الإجراءات التي تمت ضد الاتحاد كانت مسيئة لرجال أفنوا زهرة شبابهم في حياض التعاونيات، سيما وأنهم قد شرعوا في قيام الجمعيات العمومية من خلال برنامج محدد، غير أنهم فوجئوا بقرار الحل.. بل إن وزير التجارة “مدني عباس” كان قد ألغى قرار الحل السابق عندما لمس أخطاء القرار.. نتمنى بكل صدق أن تقوم (قحت) بمراجعة قرار الحل تمشياً مع روح التعاون نفسه ورسالته السامية الخالية من الانتقام والمشرئبة للعدالة وخدمة المجتمع.
اشترك بالنشرة البريدية ليصلك كل جديد
مقالات ذات صلة
اعتذار “حاتم السر”.. دعامة لـ”جعفر الميرغني”
2020-04-12
حميدتي”.. المعركة ضد (قحت) بتقاليد البادية!
2020-03-16
شاهد أيضاً
إغلاق
-
حميدتي”.. المعركة ضد (قحت) بتقاليد البادية!2020-03-16